إذا انتهينا من موضوع الجنائز والتغسيل والتجهيز والدفن، في هذه الآونة الحاضرة، رجعوا إلى هذا الحديث في مباحث عصرية حديثة، وهي: إذا مات الميت، وعلى حسب الوضع الحاضر يمكن الانتفاع ببعض أعضائه بالنسبة لحي موجود، فهل نفعل ذلك؟ أعني أنه إذا مات الميت، واحتجنا إلى أخذ الكلية، أو إلى أخذ القلب، أو إلى أخذ القرنية من العين أو أو إلخ، هل نفعل ذلك، أو أن كسر عظمه ككسره حياً.
وهل يرضى حي أن يشق بطنه وتؤخذ الكلية، أو تفقأ عينه وتؤخذ القرنية، أو يشق صدره ويؤخذ القلب؟ الجواب: لا؛ لأن كسر عظمه ميتاً ككسر عظمه حياً، وهكذا جميع الاعتداءات عليه، إذاً: لا يحق لأحد أن يفعل بالميت شيئاً من هذا.
هناك مبحث مفيد في مجلة البحوث العلمية، من هيئة كبار العلماء، أو من إدارة الإفتاء، في هذا الموضوع، إذا توقفت حياة إنسان على هذا العضو، وجاء الخبر اليقين من المختصين بأن حياته متوقفة على ذلك، وتحقيق حياته يحتاج إلى مراحل طويلة، لعدم وجود بديل، وعدم إمكان علاج العضو التالي الذي عند الحي.
وبعد توافق المأخوذ منه والمعطى في أوجه المطابقة المطلوبة؛ لأنه في حالة عدم التوافق يرفض الجسم المعطى ما كان غريباً بالنسبة له، كما في نقل الدم، فإنه إذا لم تتفق الفصيلة بين الطرفين، فلا يمكن أن يعطى ذلك الدم، وقد يكون فيه وفاة المعطى.
إذاً: على فرض وتقدير أن في التبرع بالأعضاء إحياء نفسٍ، وهو أهون وأقرب من تعريض حي للتلف، فيكون في هذه الحالة من باب ارتكاب أخف الضررين، نعم.
إن الاعتداء على جسم الميت جريمة، ولكن المحافظة على حياة الحي وتجنيبه التلف من باب قوله تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:٣٢] ، فيكون هذا من باب آخر، مع الاعتراف والإبقاء على القاعدة:(كسر عظم الميت ككسره حياً) .