[حرمة بيع العينة]
حذر النبي الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم من بيع العينة، وقد وقع مصداق ما قال: (إذا تبايعتم بالعينة) ، والعينة عند الفقهاء: اصطلاح لنوع من البيع مخصوص، وهي صورة واحدة عند الجمهور، وعند الحنابلة عكس العينة يأخذ حكم العينة، والعينة: هي من العين، قيل: هي الاشتغال بالنقد عندما تكثر الأموال بأيدي الناس، ومن قبل كانت المعاملات مقايضة بيع الصنف بالصنف.
والآخرون يقولون: لا، العينة هي بيع العين بذاتها بيعتين: تأتي إلى التاجر وتريد منه قرضاً ألف ريال، فيقول لك: والله! أنا ما عندي قرض، أبيع سكراً وشاهياًوأرزاً، ولكن من أجلك أنا أبيعك من السكر مائة كيس بألف ريال.
- أنا ما عندي فلوس.
- لا مانع، لك مهلة.
اشتريت المائة كيس بألف ريال وتدفعها بعد ستة أشهر! وأنت جئت تبغى أكياس سكر أو تبغى ريالات؟! تبغى الريالات، وهو يعرف هذا، وكتب: عليك ألف ريال قيمة مائة كيس سكر، تقول: هات الأكياس! فيقول: نعم، هي موجودة انظرها بعينك لكن قل لي: أين تضعها؟ وما تبغى بالمائة الكيس؟ هل ستفتح محلاً؟! - لا، ما أنا فاتح محل، سأذهب أبيعها، وآخذ ثمنها، وأقضي حاجتي، فالتاجر يقول لك وكأنه يعاملك بالرفق وبالمعروف: لا يا أخي! لا تتعب نفسك، أنا أشتريها منك بالنقد.
- اشترها مني.
- بثمانمائة!! - أنت الآن بعتها لي بألف!! - لا، ذاك مؤجل، لكن هذا أعطيك الثمانمائة الآن.
فأنت تقول: أين أبيعها؟ فتختصر الطريق وتقول له: هات ثمانمائة.
- خذ، فأخذت الثمانمائة في جيبك، ورجعت إلى بيتك، وحقيقة الأمر آلت هذه الزيادة الكريمة لهذا التاجر الرحيم الرفيق إلى الربا، فإنك أخذت ثمانمائة نقداً، وعلى ظهرك ألفٌ مؤجلة، ويبقى الفرق بينهما مائتين، هذه هي العينة، وابن عباس رضي الله تعالى عنه يقول: (.
الربا بينهما حريرة) ، كان بعض الناس يجلس في دكانه وعنده أثواب قماش حرير أو قطن أو غير ذلك، فيأتيه رجل فيقول: يا فلان! أبغى ألفين ريال قرضة.
- والله! ما عندي، خذ لك بالدين حريراً، فأخذ حريراً بالمبلغ الذي يريده إلى سنة، فيبغى يأخذه، فيقول له: أين تذهب؟! لماذا تتعب نفسك؟! أنا اشتريه منك بكذا، ويرجع الحرير إلى محله، ففي هذه الصورة تتحقق العينة، ويتحقق الربا.
ولكن يقول الفقهاء: إذا كان التبايع على بابه.
أنت بحثت عمن يقرضك ألفاً فلم تجد، فجئت إلى التاجر واشتريت منه البضاعة ديناً على نية أنك تبيعها، وتأخذ الثمن وتقضي مصلحتك، فاشتريت منه بألف ريال ديناً إلى ستة أشهر، لا ننسى النهي عن بيعتين في بيعة، ولا ننسى زيادة الثمن من أجل الأجل.
فأخذت السكر أو الرز من التاجر، وسجل عليك الثمن إلى نصف سنة، ثم جئت بالسيارة وحملت الرز أو السكر إلى بيتك، ثم أخذت تبيعه على من يأتيك، ولا علاقة للبائع في بيعك بالنقد، فالجمهور على أن هذا جائز، ويسمى التورق.
ولو ذهبت بالبضاعة من عند التاجر إلى السوق، وقلت: يا دلال! حرج لي على هذه المائة كيس من الرز، بخمسمائة بستمائة حتى وقف المزاد على ثمانمائة، من الذي يزايد؟ إذاً: الذي يزايد، ويشتري، بعيد كل البعد عن البائع، فالبيع صحيح ولا شيء فيه، أما إذا كان البائع بالأجل أرسل شخصاً وراء المشتري ليشتري منه البضاعة بنقد بكذا، فهذه عين العينة، أما إذا بيعت على غير بائعها، مؤجلاً أو بأي ثمن كانت نقداً، ولا ترجع إلى صاحبها الأول، ولا إلى من لا تجوز شهادته له من الأقارب أو الشريك أو الوكيل؛ إذا لم ترجع للأول فلا شيء عليه.
إذاً: العينة متى تكون محرمة؟ إذا رجعت السلعة المبيعة بثمن مؤجل إلى بائعها بنقدٍ أقل من ثمن التأجيل.