نهى صلى الله عليه وسلم عن الوصال، هل هذا النهي يقتضي الفساد أم الكراهية أم التحريم؟ ماذا يكون الحال فيه؟ نجد العلماء يبحثون ذلك، فمنهم من يقول: النهي للكراهية.
لماذا والأصل في النهي التحريم؟ قالوا: لأن النهي لعلة ولحكمة يناط بها وهي: الإشفاق على الناس؛ لأن الوصال فيه صعوبة، فنهاهم أن يشقوا على أنفسهم، كما قالوا في صيام يوم عرفات لمن في عرفات، فبعضهم قال: هذا شفقة بهم.
بالأمس كانوا في منى واليوم في عرفات، وفي الليل في مزدلفة، ومن الفجر في منى ورمي ونحر وحلق، ثم طواف إفاضة، فالصوم يشق عليه، ويجعله يقصر في بعض هذه الواجبات التي هي أهم، فمن استطاع ووجد في نفسه قوة صام، وهذا اجتهاد منهم، فكذلك هنا.
والآخرون قالوا: لا، النهي يقتضي التحريم، فلا يجوز أن يواصل.
وجاءت بعض الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر) ، لا يكمل إلى الليل، فوقت يأتي السحور يتسحر، يعني: يقطع صومه بأكلة السحور، وهذه رخصة وإباحة، ومواصلة صوم الليل كله مع النهار لا يجوز.
وبعض السلف كـ ابن الزبير وطلحة كانوا يواصلون، وينقلون عن ابن الزبير عجائب: كان يواصل خمسة أيام وستة أيام بلياليها! ولكن فعلاً كان يجد العنت، وإذا انتهت مدة وصاله لا يستطيع أن يأكل ولا يشرب نظراً لحالة المعدة، فكانوا يذيبون له التمر في السمن، ثم يلعق من مجموع التمر والسمن إلى أن يلين المعدة ويرطبها، وتمتص هذا الخليط شيئاً فشيئاً، ثم بعد ذلك يأكل الطعام.