قال رحمه الله: [وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، فعلمني ما يجزئني منه، فقال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ، الحديث رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم] .
المؤلف رحمه الله بعد مبحث قراءة الفاتحة بما معها من البسملة والتأمين يأتي بهذا الحديث الذي فيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أنا لا أحفظ شيئاً من القرآن، وكأن الرجل علم بأن الصلاة لابد فيها من قراءة قرآن، فقال: أنا لا أحسن ماذا أفعل؟ ولعله سمع خبر المسيء في صلاته:(فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) ، المهم أنه علم، ووجد في نفسه العجز عن هذا، فهل قال له رسول الله: لا صلاة إلا بعد أن تحفظ؟ لا، فسماحة الدين ويسر الإسلام، ومكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعليم الجاهل لا تتناسب مع هذا الموقف، وهل سيظل طوال عمره عاجزاً أن يحفظ الفاتحة؟ ليس بمعقول، فهذا عربي وذكي ويحفظ، فهو يحفظ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والفاتحة سبع آيات، وهذه خمس جمل، ويمكنه أن يحفظها، لكن في الوقت الحاضر هل يترك الصلاة حتى يحفظ؟ لا، وهكذا التيسير في التعليم، والتدرج مع الجاهل، فالذي يجزئ في الصلاة نيابة عن الفاتحة هو هذا.
الفاتحة كلام الله، والرسول صلى الله عليه وسلم نظر إلى حال الرجل، ونستطيع أن نقول: الفاتحة كتاب الله، وهي سبع من المثاني والقرآن العظيم، وفي حديث أُبي:(لن تخرج من هذا المسجد حتى أخبرك بأفضل سورة نزلت في التوراة والإنجيل والقرآن) ، فتباطأ في المشي خوفاً من أن تفوته، (قال: فاتحة الكتاب) ، أي: أنها أفضل ما نزل في الكتب السماوية.
إذاً: البديل عن هذا ماذا يكون؟ أعلى ما يكون في المنزلة من الذكر والدعاء، وهذا شيء بديهي، يعني: لو أن إنساناً مطالب بجنيه ذهب فعجز عنه فهل يأتي بحصاة؟ لا، لكن بفضة، أو بحديد أو نحاس.
بالتدريج، قال علمني ما يجزئ، أي: ما يقارب الإجزاء بدلاً عن الفاتحة، قال:(قل: سبحان الله، والحمد لله.