والدماء الخارجة من النسوة: إما دم حيض، وإما دم نفاس، وإما دم استحاضة.
ودم الحيض كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم دم أسود يُعرَف أو يعرِف، يُعرَف من المعرفة، ويعرِف من العرف وهو الرائحة، أي: أن له رائحة تعرفها النسوة.
وسبب الحيض -كما يقال- هو دورة الرحم، وللرحم دورتان: دورة شهرية، ودورة سنوية، فالدورة الشهرية هي دورة الحيضة، والدورة السنوية هي النفاس، وقد يكون نفاس بلا دم وتسمى (الجفوف) .
فإذا جاءت الحيضة ثم تواصل الدم بعدها فهذا الدم الزائد عن الحيضة يسمى (استحاضة) .
فلما قالت:(إني أستحاض) عرفت أنها ليست بحائض، ولكنها ظنت أن استمرار دم الاستحاضة يجعلها غير طاهرة، فسألت: أأترك الصلاة في هذه الحالة؛ لأني (أستحاض فلا أطهر) أي: لا يقف الدم؟ أجابها صلى الله عليه وسلم وقال لها:(لا؛ إنما ذلك عرق) أي: لا علاقة له بالطهر وعدم الطهر؛ ولذا نجد في القرآن الكريم -كما يقال- درس الألفاظ قال تعالى:{حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}[البقرة:٢٢٢] فطهر المرأة ليس بيدها كما هو الاغتسال، ولذا قال:((يطهرن)) ؛ لأنه رفع الدم، وقال:((فإذا تطهرن)) وزاد في الأحرف؛ لأن التطهر هو حركة الماء والغسل والتدليك، وهذا بيد المرأة، فهنا أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها:(فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة -لأنك غير طاهرة- وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم -أي: دم الحيضة- واغتسلي وصلي) أو (توضئي وصلي) جاءت ألفاظ عديدة في هذه القصة.
والجمهور يقولون: إذا كان أول مجيء الحيض فإنها تعرفه، ولذا قال:(إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة) وهذا الإقبال معروف، ولكن إذا أدبرت فكيف تعرف أنها قد أدبرت والدم متواصل؟ فأجابوا وقالوا: قد بين لها صلى الله عليه وسلم وأرشدها إلى أمور عديدة، وهي: إما أن يكون الدم متغيراً، بأن يكون دم الحيض أسود يعرف، وبعد انتهائه يكون دم العرق أحمر صافياً، أو أن يكون دم الحيض ليس أسود، بل عادياً، فترجع إلى أيام حيضتها قبل الاستحاضة كما قال صلى الله عليه وسلم:(فتربصي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) فإذا كنت تحيضين في الشهر أربعة أو خمسة أيام فأمسكي عن الصلاة أربعة أو خمسة أيام، فإذا تعدت المدة التي كنت متعودة عليها فاغتسلي واغسلي عنك الدم وصلي، ولوكان الدم يجري؛ لأنه بعد مضي مدة حيضتك التي تعودتها يكون الدم خارجاً باستحاضة.
وأما إذا كانت المرأة قد نسيت حيضتها، أو كانت في أول أمرها والتبس عليها فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(تحيضي كما تحيض النساء في علم الله سبعة أيام أو ستة أيام، ثم اغسلي عنك الدم واغتسلي وصلي) .