قال رحمه الله: [وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً) ، رواه البخاري.
] .
هذه يسمونها جلسة الاستراحة، يقول:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر) بمعنى: الصبح ركعتين شفع، والركعة الأولى وتر، فالأولى من الصبح وتر، والظهر أربع ركعات، والأولى والثالثة منه وتر، والثانية والرابعة منه شفع، وهكذا، فالأولى من الصبح والأولى والثالثة من الرباعية والأولى والثالثة من المغرب هذه وتر، فتأتينا قاعدة: لم يقل الأولى من الصبح والظهر والعصر والمغرب والثالثة من كذا وكذا لا هذه جملة قاعدة مطردة: (إذا كان في وتر من صلاته) ، والوتر في الصلاة يتحقق بالأولى في الصلوات الخمس، وفي الثالثة من غير الثنائية.
(لم ينهض حتى يستوي قاعداً) ، هذه يسميها الفقهاء جِلسة الاستراحة، ولا مشاحة في الاصطلاح، لأننا لو قلنا: لماذا الاستراحة؟ أين التعب الذي جاء؟ ما زلنا في الركعة الأولى، وليس هناك موجب للتعب الآن؛ لأن الاستراحة تكون نتيجة للتعب، فهي ليست الجلسة بين السجدتين بل بعد سجود السجدتين في الركعة الأولى، ويريد أن ينهض ليأتي بالركعة الثانية، ولكن قبل أن ينهض ويستوي قائماً فإنه ينهض من سجوده إلى قعود، ثم ينهض إلى القيام من قعود لا من سجود.
ونجد بعض الفقهاء يقول: هذه الجلسة لا يجوز فعلها؛ لأنها زيادة في الصلاة، وكلمة استراحة تكون عن كسل، ولكن لا ينبغي وجود خلاف؛ لأنهم متفقون على أن هذه الفعلة هيئة من فعله صلى الله عليه وسلم، وعلى كل فإن السنة في هذه الصورة إذا سجد السجدتين في الركعة الأولى وأراد أن ينهض فلا ينهض من سجوده إلى قيامه، ولو تأملنا الحركة الطبيعية لإنسان ساجد: الجبهة والكفين في الأرض، ثم أردنا منه أن ينهض من سجوده قائماً، هل كل إنسان يستطيع أن يفعل هذا؟ ليس من السهل، لكن حينما ينهض من السجود إلى قعود؛ فهذه هيئة تتناسب مع طبيعة الإنسان، وأيسر له في قيامه من كونه يقوم من سجوده، والذين قالوا: إنها لا تجوز، وأنها عمل زائد عن الركوع والسجدتين، يجاب عنهم بأن النص جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو يتمشى مع الإرفاق بالمصلي، ولا ينبغي أن يقال فيه: إنه عمل خارج عن الصلاة أو زائد عن الصلاة، بل نقول: إنه السنة، وكما قال صلى الله عليه وسلم:(صلوا كما رأيتموني أصلي) .