فقوله:(الخراج بالضمان) قاعدة تحل عامة مشاكل البيع والشراء، والخراج: هو الكسب والربح؛ كأن يكون عند إنسان: عبيد وخيول وأرض، فيحصّل من وراء ذلك فوائد، فالعبيد تشتغل وتأتي له بالخراج، والخيل تعمل وتأتي له بخراج، والأرض تزرع وتنبت وتأتي له هذا بخراج.
فالخراج: هو الفائدة التي تعود على المالك من ملكه.
والضمان: هو ضمان المتلف.
فإذا أخذت عارية -والعارية مضمونة- وتلفت عندك فإنك تضمنها، وإذا اعتدى ولدك أو بهيمتك أو أنت على شيء لغيرك فإنك تضمنه.
فالضمان: هو تعويض عما أتلفه الإنسان، إذاً: الخراج ضد الضمان، فإنك في الضمان تدفع، وفي الخراج تأخذ.
فـ عائشة رضي الله تعالى عنها تقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الخراج بالضمان) ، وتطبيق ذلك في أكثر صور المبيع عند النزاع.
فمثلاً: إنسان اشترى سيارة على أنها خالية من العيوب، وهو لا يدري عن السيارات ودقائقها، ومكثت عنده أسبوعاً أو أسبوعين، ويذهب بها من عمله إلى البيت، فركب معه مهندس، فقال: السيارة فيها خلل، فعرف العيب بعد عشرة أيام، وهذا العيب الذي اطلع عليه مؤخراً لو علم به وقت الشراء لما اشتراها، أو قد يشتريها ولكن ينقص من الثمن بقدر النقص بهذا العيب، فله أن يردها، ويسمى: الرد بالعيب، أو خيار العيب، وإذا اختلف مع البائع بأن قال البائع: هذا العيب حصل عندك أنت وليس عندي أنا، فيقدر ذلك أرباب الخبرة، فينظرون هل هذا العيب جديد أم قديم، فإن حكموا بأن العيب قديم، فعند ذلك يكون البائع قد دلس وغش المشتري، فيحكم برد السيارة، فإن قال البائع: السيارة بعشرة آلاف وهي عنده منذ عشرة أيام، ويذهب بها كل يوم إلى العمل، فأجرة السيارة في اليوم مائة ريال، فأخصم لي أجرة السيارة من قيمتها التي هي عندي، ثم أرد له الباقي، فيقال له: لا، الخراج بالضمان، ما معنى الخراج بالضمان هنا؟ استعماله السيارة المدة التي كانت عنده فائدة عادت عليه، فهي خراج، وقد يكون استعملها للأجرة فحصل على خراج من وارئها مدة وجودها عنده، من يوم العقد إلى اكتشاف العيب، ولو تلفت أو حدث فيها عيب جديد، فإنه على حساب المشتري التي هي في يده.
إذاً: ما دام أنه يضمن نقصها فيستحق خراجها، وهكذا الخراج بالضمان، فما استفاده لا يحق للبائع أن يطالب فيه؛ لأنها كانت في ضمانه، فلو تلفت لتحمل ضمانها، وبالله تعالى التوفيق.