[صفة المذي وحكمه]
يقول المؤلف رحمه الله: (وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: (كنت رجلاً مذاءً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية أخرى: (فأمرت بلالاً) وهناك رواية أخرى دون ذكر علي (أن المقداد سأل رسول الله عن المذي) ، وفي رواية لـ علي قال: (كنت رجلاً مذاءً فكنت أغتسل في الشتاء حتى تشقق ظهري، واستحييت أن أسأل رسول الله لمكانة ابنته مني، فسأله فقال: فيه الوضوء) وفي بعض الروايات: (توضأ وانضح فرجك) وبعض الروايات: (واغسل ذكرك وأنثييك) .
وإلى هنا يتفق العلماء بلا نزاع على أن في المذي الوضوء، وأنه ناقض للوضوء كالبول.
وقوله: (مذاء) مذاء على وزن فعّال (صيغة مبالغة) أي: كثير المذي.
والماء الذي يخرج من الرجل وكذلك المرأة خلاف البول: المني، والودي، والمذي، وتزيد المرأة على الرجل بماء قبل الولادة يسمى (الهاد) أي: الهادي إلى أوائل الولادة.
ويتفقون على أن المذي هو عن طريق المني، لكنه لم ينضج ولم يكتمل حتى يصير منياً يخرج دفقاً، ولكنه يخرج بدون دفق كما يخرج غيره، وهو لا يكون إلا عند الشباب في كمال الصحة.
وسببه: إما اشتغال الفكر وإما وقوع النظر -يعني: بسبب حركة نفسية جنسية- وهو دون الملامسة، أو حصلت ملامسة ولكن لم يحصل هناك دفق للمني.
ولونه ولون المني سواء، فيه مادة لزجة، والمذي يتفقون على أنه نجس كالبول يجب غسله.
وبقي الخلاف في الألفاظ التي جاءت مع الغسل، فقوله: (وانضح فرجك) النضح: قد يطلق على الغسل، ومنه الحديث: (ويغسل أنثييه) وبعض العلماء يقول: (انضح فرجك) يعني: محل خروج المذي كما يغسل محل خروج البول.
والآخرون يقولون: (انضح فرجك) أي: كامل العضو.
وكذلك الأنثيين مع الذكر، والذين قالوا بهذا قالوا: إن الأمر بغسل هذه الأعضاء راجع إلى حالة صحية للإنسان؛ لأن المذي طريقه طريق المني إلا أنه لم ينضج، والمذي يخرج خروجاً عادياً، وأهم أعضاء خروج المني بالنسبة للرجل هي أنثياه مع فرجه، فقد تكون هناك إثارة جنسية كان مقتضاها خروج المني، ولكن جاء مانع منع خروج المني ففتر، وتغير الحال في مجراه ولم يصل الماء إلى درجة المني وبقي مذياً.
تلك الأعضاء يقولون: يحصل لها تفاعل، فإذا ما تركت ربما يحصل هناك التهاب كما يحدث لكثير من الشباب، يكون في حالة احتلام فيستيقظ ولم يستكمل خروج الماء منه فيحصل عنده التهاب؛ بسبب عدم استكمال خروج هذا الماء من مكانه، فقالوا: في غسل الذكر والأنثيين تلطيف لهذا المحل يجنب صاحبه الالتهابات أو الأخطار الصحية التي قد تنتج بسبب عدم اكتمال المني وخروجه.
إذاً: الغَسل هنا ليس له علاقة بالنقض ولكن له علاقة بصحة الإنسان، والذين قالوا: هو أمر تعبدي يغسل مع الوضوء قالوا: سواءً قبل الوضوء أو بعده بشرط إذا كان بعد الوضوء: أن يكون على اليد حائل، ولا حاجة إلى هذا كله، وإنما يغسل المحل، ثم بعد ذلك يتوضأ وضوءه للصلاة.
إذاً: المذي ناقض للوضوء وليس فيه غسل، وحكمه حكم البول في وجوب غسله.