ويتفقون على أن العامل ملزم بكل عمل من شأنه مصلحة الثمرة، فمثلاً: إذا كان النخيل عليه جدار، فانثلم الجدار في مكان ما، فعلى العامل إصلاحه لا أن يبني جداراً جديداً لم يكن موجوداً على الأرض؛ لأن هذا ملك لصاحب الشجر، وليس لصاحب الشجر مصلحة دائمة بدوام هذا البناء الذي سيبنيه؛ لأنه إن ساقاه سنة أو سنتين فبناء السور يظل عشرات السنين، فيكون صاحب الأرض استفاد من العامل ما ليس له فيه حق.
وكذلك على العامل أن ينقي العين -القناة- كما كانت العين في أحد والخيف -خيف السيد، خيف فلان- كانت من جبل أحد إلى الغابة، هذه كلها خيوف ماء يسيل على وجه الأرض يقتسم أهل البساتين الماء بالوجبة على نظام عندهم في ذلك، فإذا احتاج مجرى هذا الخيف إلى ترميم أو إصلاح، أو انصدع الجدار من الجانب، أو نبت من الحشيش ما يسد الماء ويرده، فعلى العامل تنظيف ذلك، وليس عليه إجراء عين جديدة، وليس عليه حفر بئر من جديد، ولكن عليه إصلاح البئر القائمة.
لا مانع في ذلك كله.
وعلى العامل أن يحضر آلات السقي، إن كان بالسواني فبالسواني، وإن كان بالمكائن -كما هو الآن- فالبمكائن، وإذا كان في البستان عمال أو عبيد أو رقيق ملكاً لصاحبه، وأراد العامل أن يأخذ الرقيق مع الأصول، قالوا: إن كانت النخيل كبيرة وتحتاج إلى مساعدة أخذ، وإن كانت صغيرة لا تحتاج إلا لشخصه هو فليس له أن يأخذ.
الذي يهمنا: أن ما فيه مصلحة الثمرة فهي على العامل، فإذا كانت المساقاة سنوات فعليه في أول السنة تأبير النخل، وقطع الجريد، وإصلاح الأحواض للنخلة للماء وللشرب.
وغير ذلك، وكذلك الأشجار المثمرة: عليه تقليم شجر العنب؛ لأنه يحتاج إلى تقليم ما يبس منه كل سنة، وكذلك أشجار الفاكهة الأخرى إذا احتاجت إلى تقليم الزوائد فيها لينشط الجذع في تغذية الثمرة الجديدة.
ثم إذا جاء وقت الجذاذ فعلى العامل أن يجذ الثمرة، وينزلها البيدر حتى تجف، ثم بعد ذلك يقتسمونها.
[وفي رواية لهما: فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم نصف التمر] .
الرواية تدور بين كون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أقرهم ابتداءً، وبين أنهم هم الذين طلبوا منه أن يقرهم، وسواء كان ذلك ابتداء من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو استجابة لطلبهم، فالنتيجة واحدة، وهي: أنهم عاملوه على جزء من الثمرة.