[خلاصة مسألة المسح على الرأس من كلام ابن القيم]
وخلاصة لما تقدم يقول ابن القيم رحمه الله: الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضية العمامة ثلاث حالات: · فتارةً مسح على الناصية تحتها فقط.
· وتارةً مسح على الناصية وأتم على العمامة.
· وتارة مسح على العمامة وحدها دون الناصية.
وكل ذلك فيه نصوص واردة صحيحة ومن اقتصر على حالة منها أجزأته.
والله تعالى أعلم.
هناك مبحث في هذه المسألة في قضية (الباء) في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِـ.
} [المائدة:٦] : فالشافعية يحملونها على التبعيض ولكن العلماء -خاصة علماء اللغة- يردون هذا، ويقولون: ليست للتبعيض.
وقال الأحناف: هي للإلصاق.
ولا مانع أن تكون للإلصاق وللتبعيض؛ لأنهم يقولون بالمسح على الناصية.
وغيرهم يقولون: إن مجيء (الباء) ليدل على وجود ممسوح به؛ لأنك تقول: مسحت رأس اليتيم أي: مررتَ يدك عليها، ويقول: مسحت يدي في رأس اليتيم.
تعني أن في يدك دهناً مسحته عليها.
وهكذا قالوا في قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان:٦] ، مع أن الشرب يتعدى بنفسه، تقول: شربت الماء.
أو: شربت ماء العين.
أو تقول: شربت بماء العين.
فقالوا: (الباء) هنا كـ (الباء) هناك.
ولكن يجيبون عن ذلك من جهة اللغة بالتضمين في قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بها} فقالوا: ضُمِّن فعل (يشرب) معنىً يتعدى بـ (الباء) ، وهو (يستمتع ويتلذذ) ؛ لأن شرب أهل الجنة ليس عن عطش.
وقالوا في (الباء) هنا: هي للإلصاق.
والشافعية حملوها على التبعيض.
وكان مجيء (الباء) هو سبب لهذا الخلاف والنزاع في جزء ما يمكن أن يُقْتَصَر عليه في الوضوء.
والخلاف فيما يجزئ في مسح الرأس في الوضوء هو عين الخلاف فيما يأتي في قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح:٢٧] ، فهل المراد بـ (رءوسكم) جميع الرأس، أو أن المراد: محلقين رءوسكم ومقصرين من الرأس؟ والخلاف في أية الوضوء لوجود (الباء) ليس كالخلاف هنا؛ لأن هنا لا يوجد (باء) .
والله تعالى أعلم.