وقوله:(وابن السبيل) ، السبيل: هو الطريق، والغريب يطلق عليه ابن السبيل، والشاب الغريب ابن كما يقولون: البنوة نسبة، فتقول: ابني وابن فلان، فينسب إلى أبيه الذي جاء منه.
فما علاقة السبيل بآدمي يمشي على وجه الأرض؟ قالوا: لأننا لا نعلم عن هذا الغريب شيئاً، ولكن السبيل هو الذي جاءنا به، فلولا السبيل أو الطريق لما رأيناه، فنحن وجدناه على الطريق، فهو ابن الطريق، كما يجد إنسان إنساناً في غابة فنقول عنه: ابن الغابة؛ لأنه وجد فيها، وهكذا.
فابن السبيل يراد به المسافر المنقطع الذي يريد ما يبلغه إلى بلده، ويبحث العلماء فيما يأخذه ابن السبيل، وفيما يأخذه الغارم الذي سعى بين الناس بالصلح، فهل ما يأخذاه تملك أو استحقاق لغاية؟ فإن كان تملك، قدرنا له ما يوصله إلى غايته، فإن أعطيناه ألفاً ثم هو قتر على نفسه، وأنفق نصف الألف فقط، فهل يرد الباقي أم يكون في ملكه؟ إن قلنا: يأخذ ما يبلغه فقط، فإنه يرد الباقي، وإن قلنا: يتملك ما قدرناه له، وما وفّره فهو ملك له؛ لأنه وفره على حظ نفسه، وقد يكون حرم نفسه من بعض الأشياء، ووفر بعض قيمتها فيكون ما أخذه ملكاً له.