للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاهتمام بالإعجاز العلمي في السنة]

إنه حينما يكشف العلم هذا الأمر، ويفتخر الكفار بهذه الاكتشافات، ويعتبرونها من السبق العلمي، أليس جديراً بالمسلمين أن يسابقوا إلى إعلان ذلك؟ ولا أقول: أن يسابقوا إلى السبق العلمي، فهو واجب، ولكن إلى السبق الإعلامي، ويكون هذا من مهمة وزارات الإعلام، وكذا على عوام الناس وخواصهم؛ لتكون هذه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أربعة عشر قرناً، وهذا ينفع عامة الناس وخواصهم، والمتعلمين منهم وغير المتعلمين، ويدفع المؤمن إلى التمسك بدينه، ويعطيه قوة يقين أكثر بتصديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قالها وهو في الصحراء، وما دخل معملاً ولا مختبراً ولا أخذ أنبوبة اختبار، ولا شيئاً مما هو موجود في المعامل الآن.

ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) ، لماذا ذكر التراب مع الغسل سبع مرات؟ يأتي العلم ويكتشف أن داء الكلب لا يعقمه إلا مادة الفلورين الموجودة في التراب! ومن ذلك أيضاً: تحريم لحم الخنزير، فيأتي الطب متأخراً ويكتشف أن فيه داء، ففيه الدودة الشريطية، والدودة الشريطية توجد في لحم البقر، وتوجد في لحم الخنزير، ولكن الدودة الشريطية التي في لحم الخنزير تتميز عن الدودة الشريطية التي في لحم البقر، فهي أخطر منها، فالدودة الشريطية التي تأتي من لحم البقر قد يبلغ طولها اثني عشر متراً في معدة الإنسان، وهي مكونة من فصوص، وكل فص قابل للنمو بذاته، مثل أعواد القصب، فإذا أخذت كل غصن وغرسته فإنه ينبت بنفسه، فإذا شرب المريض دواء فإنه يقطعها، وتنزل أوصالاً، أما دودة الخنزير فينبت لها قرنان في الرأس، فإذا شرب دواء ليقطعها غرزت قرنيها في جدار المعدة، فتتقطع أوصالها إلا الوصلة الأخيرة التي فيها القرنان فتنبت من جديد.

وأيضاً ذكر لي طبيب في الجامعة الإسلامية أن في الخنزير دود العضل، وهو أخطر من دود المعدة الذي يؤخذ له دواء فينزل، وقد ذكر علماء الطب القديم أن بذر المشمش إذا أحرق حتى يصير فحماً، وأكل منه الإنسان كل خمس سنوات حبة، وكان عنده دود البطن، وهو غير الإسكارس الصغير، فإنه ينزلها ويقضي عليها، فمهما كان دود البطن فإنه ينزل بالدواء، ولكن دود العضل ليس في بطن، ولا في جوف، بل في عضلة اليد، أو الفخذ، أو الظهر، أو الكتف، فينبت فيه دود بسبب لحم الخنزير، ولا يخرج إلا بمشقة.

وقال أبو حيان في تفسيره: إن من طبيعة الخنزير عدم الغيرة على أنثاه، ومن يكثر من أكله فإنه تنتقل إليه تلك الغريزة، ويقول: وقد شاهدنا في بلادنا -وهو أندلسي- أن من يكثر من أكل الخنزير فإنه يكون فاقد الغيرة على نسائه.

وأي حياة لإنسان فاقد الغيرة؟! ونجد أن الإسلام حرم الخنزير، وهكذا حرم الحمر الأهلية، وأوجب الوضوء من أكل لحم الإبل، وغير ذلك.

إن العالم الإسلامي مطالب بإبراز تلك المعجزات المدخرة للأمة، وكل واحدة منها لا أقول: يشهد لها الأعداء؛ بل يقرون بها بسبب ما توسعوا فيه من العلم، وكذلك المستشرقون، والمستغربون من المشرق، فهم يؤمنون بالعلم وتجارب المعمل ولا يؤمنون بالوحي، ويقولون: هذا أمر نظري، وهذا أمر عملي يا سبحان الله! النظر إذا كان صادراً عن الوحي الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى فهو حق، فكيف يطلبون عليه تجربة؟ لا والله! إننا نقيس عقولنا عليه، ولا نقيسه على عقولنا.

وحديث الذباب مما ينبغي إبراز ما فيه من الإعجاز العلمي، فيخبرنا صلى الله عليه وسلم أن الذباب يحمل شيئين متضادين، وعنده إدراك يميز به ما فيه من الداء فيقدمه، وما فيه من الدواء فيؤخره، علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف نتعامل معه، وبالله تعالى التوفيق.