وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) رواه مسلم.
بدأ المؤلف يتجه إلى الصلاة على الجنائز، وبدأ ببيان فضل العدد الذين تتاح لهم الفرصة في الصلاة على الجنازة.
أولاً: هذا الحديث (ما من رجل يصلي عليه أربعون رجلاً ... ) جاءت روايات متعددة في هذا المعنى: (لا يشركون بالله شيئاً) وجاء: (مائة رجل) وجاء: (صلى عليه أمة يبلغوا أن يكونوا ثلاثة صفوف) ومن هنا استحب بعض العلماء: إذا كان العدد قليلاً أن يقسمهم الإمام إلى صفوف ثلاثة، ولو كان الصف شخصين فقط، لتعدد الصفوف على رواية ثلاثة صفوف، وجاء:(وصلى عليه أربعة من جيرانه الأدنين) وجاء: (صلى عليه أربعة، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: أو ثلاثة؟ قال: أو ثلاثة، قال: أو اثنان؟ قال: أو اثنان، يقول: وسكت أن أسأله عن الواحد) فهذه النصوص، جاءت أن من صلى عليه أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً أو مائة رجل أو أربعة رجال؛ يشهدون له، أو يشفعون فيه، إلا شفعهم الله فيه، وشفاعتهم فيه قالوا: يخلصون له الدعاء، فيدعون له بالمغفرة، وبحسن الجزاء إلخ، بنية خالصة، وبقصدٍ طيب بأن الله سبحانه وتعالى يغفر له، وبعضهم يقول: يشفعون، أو يشهدون له بالثناء عليه خيراً، وورد (بأن جنازةً مرت، فأثنوا خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: وجبت، وقيل: قالها ثلاث مرات، وجبت، وجبت، وجبت ومرت جنازة أخرى، فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت، وجبت، وجبت، فقال عمر: ما وجبت يا رسول الله؟! قال: وجبت الجنة بالثناء عليه، ووجبت النار بذمه، أنتم شهداء الله على خلقه) وبعضهم يقول: هناك رواية الله أعلم بصحتها: (إن لله ملائكة تنفث على ألسنة الخلق بما تشهد به) كل هذه الروايات متكلم فيها، ولا ينبغي تعمد قول: ماذا تقولون؟ أو على ماذا تشهدون؟ لأن هذه أمور فيها إحراج، ولا ينبغي ذلك، إنما يكون عفوياً إذا اجتمع جماعة، وصلوا على ميت، وأخلصوا الدعاء له، هم بأنفسهم كانوا شفعاء له عند الله بدعواتهم وصلاتهم عليه.
فقال صلى الله عليه وسلم:(ما اجتمع أو ما صلى أربعون رجلاً على مسلم، أو على ميتٍ، لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) وعلى ما تقدم من أن العدد ليس قاصراً على الأربعين ولا على المائة، وبعض العلماء يقول: هذا عدد لا مفهوم له، يعني: ليس له مفهوم مخالفة، فلو جاء عدد مائة ونقص واحد أو عشرة وصاروا تسعين، لا نقول إن هذا يبطل العدد، لا.
وبعضهم يقول: إن تلك الحالات أجوبة عن أسئلة قد صدرت.
بمعنى واحد يسأل: يقول: يا رسول الله! رجل صلى عليه أربعون رجلاً، أيشفعون فيه؟ قال: نعم.
ثم جاء رجل آخر وقال: رجل صلى عليه مائة رجل يشفعون فيه؟ قال: نعم.
يعني لم يكن ذلك ابتداءً وتحديداً من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كانت أسئلة، والأسئلة مختلفة، تارةً يسأل عن أربعين، وتارةً يسأل عن أربعة، وتارةً يسأل عن مائة، وفي كلٌ يجيب: بنعم يشفعون فيه.