وقيل: هو الآلة التي يستاك بها، أما الفعل فإنهم يقولون: إنه يستحسن أن يسوك أسنانه عرضاً، فيبدأ بالأيمن فالأيسر، وقيل: بالأعلى إلى غير ذلك من الصور، وكيفما كان فقد حصل المقصود، أما الآلة فإنهم يقولون: بأي عود كان، لكن يستثنى من ذلك الريحان والقصب؛ لأنه يؤثر على اللثة ويجرحها، ويستحبون عود الأراك لأنه أكثر استعمالاً، وكيفما كان أجزأ، بل إنه -كما عند الشافعية- لو لم يجد عوداً وأخذ خرقة خشنة كصوف ونحوه ولفه على إصبعه ودلك به أسنانه أجزأ ذلك، وإذا لم يجد الخرقة ودلك بإصبعه جاء، كما جاء في الحديث:(يشوص أسنانه بإصبعه) .
فعلى هذا يكون السواك من حيث الآلة إنما هو أي شيء يستعمله الإنسان، وكأني بإنسان يريد أن يسأل عن الفرشاة أهي داخلة في هذا المعنى أم لا؟ والجواب: إذا نظرنا إلى الغرض من استعمال السواك، وهو كما في الحديث:(مطهرة للفم مرضاة للرب) فأي شيء طهر الفم فإنه يؤدي المهمة، ولكن ما كان عليه السلف فهو أولى وأصح طبياً.
وأحب أن أحذر من استعمال الفرشاة، فإن لها أنواعاً من النايلون وأنواعاً من الشعر، والتي من النايلون إذا كان النايلون فيها صلباً فإنه يجرح اللثة، وبعض الأشخاص يخطئ فيغسلها بالماء الحار، والماء الحار يقلص هذا النايلون فيعود على اللثة بالجراح، أو يفقد الصلاحية، بل يغسلها بالماء البارد حتى لا يؤثر على شعيراتها.
أما عود الأراك فإنه قد اتفق طبياً الآن بأن في قشره ما يسمى عندهم:(حمض التنّيك) فهذا الحمض من طبيعته أنه يقلص اللحم، فإذا ما جاء إلى اللثة يجعلها تتقلص وتعتصر فتخرج الرطوبة منها، خاصة إذا كان جديداً، والكل يجرب هذا، فإذا أخذ عوداً من الأراك جديداً وقضمه بأسنانه فإن ما يتحلل من القشرة في فمه ويصل إلى اللثة يجعل اللثة تتقوى بإخراج الرطوبات الموجودة فيها.
ووجدت في كتاب (القرى لقاصد أم القرى) ، وفي (تهذيب الآثار) للطبري بأن من فوائد عود الأراك أنه لو طبخ وشربته المرأة قرب مجيء الدورة الشهرية يوقفها، وكان النساء يستعملنه في الحج مخافة مجيء الدورة قبل طواف الإفاضة فتحبس أصحابها، وفعله جملة من النسوة برفقة عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.