قوله:(سبحانك اللهم وبحمدك) ، ما معنى الحمد؟ الحمد: ثناء على المحمود لكمال ذاته وصفاته، واللغة فيها: حمد وشكر وثناء، والحمد المطلق لا يكون إلا لله سبحانه، ولذا يتفقون على أن (ال) في قوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}[الفاتحة:٢] للاستغراق، أي: استغرقت جميع المحامد كلها لله، ولا يحمد لكمال ذاته إلا الله، بخلاف الشكر والثناء؛ إذ الشكر يكون في مقابل نعمة:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:٧] ، يزدكم من نعمه، أي: ينعم عليك فتشكره، وفي الحديث:(من لم يشكر الناس لا يشكر الله) ، فالشكر مقابل نعمة أسديت إليك، أما الثناء: فتثني على من فعل الجميل ولو لم يكن لك أنت، فأنت ترى العمارة من الناحية الهندسية فيها إبداع، وجمال، وقوة، فعندما تثني على المصمم والمنفذ لهذا العمل، وهل وصلك شيء من ذلك؟ لا.
قد تسمع بطبيب يعالج أمراضاً نادرة مثل: جراحة المخ، وزرع القرنية، قام بعدة عمليات ونجح فيها، فتقول: من هذا؟ فيقولون: الطبيب الفلاني، فتثني عليه، مع أنك -الحمد لله- في عافية، ولست بحاجته في شيء، لكن سمعت بأنه فعل فعلاً جميلاً فتثني عليه لجميل فعله؛ فالشكر في مقابل نعمة أسديت إليك أنت، والثناء بسبب جميل فعله فتثني عليه، أما الحمد فلكمال الذات، سواء نظرت إلى جميل فعله أم لا، وسواء أسدى إليك نعمة أم لا؛ فأنت تحمده لكمال ذاته، فهو مستحق لكمال النعوت.
فإذا اجتمعت (سبحان الله) التي تنفي عن الله كل ما لا يليق بجلاله، وتنزهه عن كل نقص وعيب، معها (الحمد لله) التي تثبت له جميع صفات الجلال والكمال، فقد اجتمع طرفا التوحيد لله في قولك: سبحان الله وبحمده، ومن هنا كانتا مع خفتهما على اللسان ثقيلتان في الميزان، تملآن ما بين السماء والأرض.