[أدلة الجمهور على نسخ حديث:(غسل الجمعة واجب على كل محتلم)]
ومما أرده الجمهور كدليل على النسخ وبقاء الندب: ما يرويه مالك رحمه الله تعالى في الموطأ: أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يخطب للجمعة، فدخل رجل، والرواية الأخرى تسميه: عثمان بن عفان، فقطع عمر الخطبة وقال:(أية ساعة هذه؟) ما الذي أخرك إلى هذا الوقت حتى جئت أثناء الخطبة؟ فقال:(يا أمير المؤمنين! انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت) ، يعني: ليس واجباً علي أن آتي قبل أن ينادى لها، وإلى هنا احتجاج على ظاهره، فما أن سمع عمر رضي الله تعالى عنه قوله: إلا أن توضأت وجئت؛ قال:(والوضوء؟!) يعني: تأخرت واكتفيت بالوضوء ولم تغتسل، (وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل) .
وهذا بعض من يقول بالوجوب يحتج به، ومن يقول بالندب يحتج به أيضاً.
فالذين قالوا بالوجوب قالوا: لولا أن غسل يوم الجمعة واجب ما أباح عمر لنفسه أن يعاتب مثل عثمان على تركه.
وأجاب الآخرون فقالوا: أترون عمر يترك عثمان يجلس للصلاة مع تركه لواجب ولا يأمره بالذهاب للاغتسال؟ وقبل ذلك: أترون عثمان يترك واجباً عليه، ويأتي بالوضوء ويترك الغسل؟ ثم مجموع الصحابة الحاضرين يسمعون من الطرفين، فهل عابوا على عثمان، وقالوا له: ارجع فاغتسل.
إذاً: عمر أقر عثمان على ترك الغسل، وعثمان جاء بغير اغتسال، والحاضرون من الصحابة أقروا عثمان على مجيئه بغير اغتسال، ولا يمكن لـ عثمان ولا لـ عمر ولا للحاضرين أن يقروا إنساناً عادياً على ترك واجب يتوقف عليه أمر الجمعة.
إذاً: اعتبر كإجماع من الحاضرين على إقرار ما كان من عثمان رضي الله تعالى عنه.