وتتمة لهذه القضية: لما تأخر عثمان واعتذر وقال: سمعت النداء فتوضأت وجئت، وكان مكانه وراء الزوراء، فتوضأ وجاء، ففاته جزء من الخطبة، ولما آلت إليه الخلافة أنشأ أذاناً جديداً قبل الوقت، وجعل المؤذن في السوق على الزوراء، وأين كانت الزوراء؟ الذين عاصروا المدينة قبل هذه التوسعة التي استوعبت المدينة بكاملها يعرفون الباب المصري، ويعرفون مسجد فاطمة الزهراء، وهذا محرف عن الزوراء، وقد اطلعت على صك في المحكمة للأشراف يحدد طريق الزوراء، ويحدد وقف الأشراف، وكان موجوداً داخل السور هناك.
إذاً: الزوراء كانت خارج سور المدينة وراء الباب المصري إلى جهة سوق القفاصين، إلى تلك الجهة، أي: في الشمال الغربي عن المسجد.
فعلى هذا: عثمان أوجد أذاناً قبل أذان الوقت الذي تصح فيه الصلاة في السوق؛ لينبه أصحاب السوق إلى أن الوقت قد دنا وقرب، ليرجعوا إلى بيوتهم ليغتسل المغتسل، ويتأهب المتأهب، فيصل إلى المسجد قبل أن يؤذن للوقت وقبل أن يشرع الإمام في الخطبة، وكانت هذه سنة سنها عثمان رضي الله تعالى عنه.
والشيء بالشيء يذكر: الأذان الأول الذي أوجده عثمان رضي الله تعالى عنه كان ينادى به على المنائر، وكان الأذان الذي هو للوقت حينما يصعد الإمام المنبر، وهذا الأذان الذي هو للوقت تبتدأ بعده الخطبة.
وقد تعبت في البحث عن الوقت بين الأذان الأول والثاني للجمعة، وأنسب ما يقال في ذلك: إنه يكون بما يكفي من كان في السوق أن ينقلب إلى بيته ويأتي إلى المسجد، لكن تحديده بالساعات والدقائق لم أقف عليه.