يفك الحجر عن الصبي إذا بلغ خمس عشرة سنة، وبعد البلوغ يجري القلم عليه في العبادات، ولكن في المعاملات يربط مع السن الرشد، وما هو الرشد؟ بعض العلماء يقولون: الرشد هو حسن التصرف في المال، وحسن التدبير في المال، والشافعي وغيره يقولون: أول صفات الرشد حفظ الدين، فينظر هل هو مستقيم في دينه أم لا؟ لأنه إذا كان مستقيماً في دينه يؤدي الصلوات ويصوم ويصدق في الحديث فسيحافظ على أمر دنياه، وهناك من يقول: لا، الدين للدين والدنيا للدنيا، فلو كان حصيفاً في ماله وسفيهاً في دينه ندفع إليه المال، والآخرون يقولون: إذا لم يكن رشيداً في دينه فسيضع المال في أي طريق كان، ولا يفرق بين حلال وحرام، ونص الشافعي على أن الصبي إذا بلغ الخامسة عشرة وهو يضيع ما بيده في اللعب فإنه سفيه لا يعطى له ماله، ومن السفه اللعب بالصواريخ النارية، فالعبرة في الحجر ليس مجرد العمر بل يشترط مع العمر وصف الرشد، وهذا نص كتاب الله:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} ، فإذا بلغ الخامسة عشرة فقد تجاوز مرحلة اليتم، وتجاوز مرحلة الصغر، لكن ننظر هل رشد أم لا؟ فإن رشد فيكون قد اكتمل من الجانبين المادي والمعنوي، وإذا لم يكن مع البلوغ رشد فنقول: لا نعطيك مالك حتى تعقل.
إذاً: المؤلف رحمه الله أتى بهذا الحديث ليبين لنا الفرق بين البلوغ وعدم البلوغ، وهل البلوغ متوقف على أربع عشرة وخمس عشرة أو أن هناك علامات أخرى؟ يوجد علامات أخرى كما في قصة بني قريظة، فمن علامة البلوغ الإنبات، فنبات الشعر في العانة علامة على البلوغ، وإذا احتلم وأمنى فهو أيضاً علامة على البلوغ، وقد يحتلم في الثانية عشرة من عمره، وكذلك الجارية إذا حاضت، وتقول عائشة رضي الله تعالى عنها:(إذا بلغت الجارية تسع سنوات فهي امرأة) فتكون قد بلغت، ولكن من حيث التكليف الشرعي والإلزام بالفرائض فحتى تبلغ خمس عشرة سنة.