وعلى هذا يتعين على كل مقيم بالمدينة أن يحفظ هذا الحرم بحدوده، ولا يقطع الشجر إلى لحاجة، ولا يختلي خلاه إلا لحاجة، ولا ينفر صيده ولا يقتله، وإن قتله فهو آثم، ولكن لا عقوبة عليه.
والذين قالوا: لا عقوبة عليه، والذين قالوا: لا بأس بالصيد فيه - مع أنه مخالف للجمهور- استدلوا بقصة أبي عمير، وأبو عمير غلام لـ أبي طلحة كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشاه كثيراً، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوجد بيده طائراً يعرف عند أهل المدينة بالنغر، ولا يزال هذا الطائر موجوداً في البساتين إلى اليوم وله تغريد طيب في الصباح، فإذا به يلعب به، ثم ذهب صلى الله عليه وسلم، وفي عودته وجد الغلام يبكي والطائر ميت في يده، فقال (يا أبا عمير! ما فعل النغير؟) ، فقالوا: هذا صيد في يد الغلام، فلم يطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما رآه ميتاً لم يحمله صلى الله عليه وسلم جزاءه ولا قيمته.
وأجاب المانعون بأن هذا غلام، وليس على الغلام تكليف؛ فتركه صلى الله عليه وسلم، أو لعله أتى به من خارج الحرم، وهو في هذا خلاف حرم مكة؛ لأن من أدخل صيداً من الحل إلى حرم مكة أُجبر على إطلاقه، بخلاف المدينة.