يبحث الفقهاء في قوله:(عرق من تمر) ، كم كان فيه؟ الأقوال كثيرة: عشرون صاعاً، خمسة وعشرون صاعاً، أكثر أو أقل، وإذا قلنا: إن عليه أن يطعم ستين مسكيناً، فهل الكفارة في هذا العمل على الترتيب المذكور أو هو بالخيار؟ الرسول صلى الله عليه وسلم سأل أولاً عن إعتاق الرقبة، إذاً: أولاً: العتق، فإن لم يجد فصيام -كما يقول الفقهاء ككفارة الظهار- إذاً: يبدأ الذي عليه الكفارة بعتق الرقبة، فإن لم يجدها أو لم يجد قيمتها فالصيام، بعض الناس الآن يقولون: لا يوجد رقاب، والمال موجود ولكن لا يوجد رقاب، وهل يوجد في بعض البلدان الإسلامية أو لا يوجد؟ هذا شيء آخر.
إذاً: بحسب الترتيب يبدأ بالعتق، فإن لم يجدها أو وجدت ولم يجد قيمتها انتقل إلى صيام شهرين متتابعين، والتتابع في الشهرين شرط، فلو قطع التتابع بغير عذر استأنف من جديد، أما إذا قطع التتابع بعذر من مرض، أو امرأة كانت تكفر وجاءتها الدورة، وقطعت من أجل الدورة فتستأنف عند رفع المانع حالاً، فإنسان كان يصوم شهرين متتابعين وفاجأه المرض، وأعجزه عن الصوم، فأول ما يتعافى من مرضه ويستطيع الصوم يستأنف حالاً وهكذا.
ثم إن لم يستطع الصوم انتقل إلى الإطعام، والستون مسكيناً كم إطعامهم؟ قدروا للمسكين نصف الصاع، يعني الصاع الذي يخرج به زكاة الفطر يكفي عن نفرين، فيكون خمسة عشر صاعاً من الطعام، سواء هيأ الطعام في بيته ودعاهم وأكلوا، أو أعطاهم إياه ليهيئوه عندهم، فإن أخرج تمراً فالتمر طعام جاهز، وإن أخرج الأرز -مثلاً- فهو طعام يصنع، وإن أخرج البر فيحتاج إلى طحن وغير ذلك، فبعض العلماء يقول: يجعل مع البر أو مع الأرز ما يصلحه، والبعض يقول: هو مقدار كافٍ.
وعدد الستين هنا هل هو مقصود لذاته، فيطعم ستين شخصاً أو هو مقدار ما يطعم الستين حتى ولو أعطاه لستة أشخاص؟ فهناك من يقول: المراد مقدار ما يطعم الستين؛ لأن الغرض المقدار، ومالك يؤكد على أنه يجب أن يكون العدد ستين مسكيناً، ويقول: حينما يأكل طعامك ستة أشخاص فأنت تستفيد من استغفار ودعاء ستة نفر فقط، أما إذا جمعت العدد في الإطعام، ووزعت الكفارة على ستين شخصاً؛ فكل واحد سيستغفر لك، وكل واحد سيدعو لك، وكل واحد سيصوم بطعامك الذي قدمت له، ويكون لك زيادة وانفساح في الأجر.