وهل يسوى ويسطح أو يسنم؟ ورد الأمران، فجاء أنه يسنم قدر شبرٍ.
ولا بأس أن يرش عليه الماء لتثبيته حتى لا ينهال، ولا بأس أن توضع شبه العلامة -كحجر عند الرأس- ليعرف، مستطيلاً كان أو مربعاً أو مستديراً، أسود أو أحمر، حتى إذا جاء أهل الميت ورأوا تلك العلامة عرفوه، وذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بـ عثمان بن مظعون، وقال (لأدفن إليه من مات من أهلنا) أي: ليكون معروفاً.
ولا مانع من أن يكون للعائلة أو للجماعة، مكان يجمعون فيه موتاهم متقاربين، وتكون قبورهم متقاربة، حتى إذا جاء زائر من الأقارب يزورهم استطاع أن يشمل الجميع بزيارة واحدة، والله تعالى أعلم.
وللبيهقي عن جابر رضي الله عنه نحوه وزاد:(ورفع قبره عن الأرض قدر شبر) وصححه ابن حبان.
يعني: رفع القبر عن الأرض قدر شبر حتى يكون مميزاً، لا أن يسوى بالأرض فيضيع، أو يكون موضع امتهان بالدهس والجلوس عليه، بل يرفع قدر شبر، وهذا هو الواقع حسب العادة، فإن التراب الذي يخرج من القبر، لا يزيد ارتفاعه فوق القبر أكثر من شبرٍ أو قريباً من ذلك.
ولكن كما يقولون: يحرم أن يسنم فيرفع كثيراً، ويحرم أن يبنى عليه، ويحرم أن يجصص بالجص أو بالأسمنت أو بالطوب الأحمر، أو غير ذلك، أو ينقش أو توجد عليه كتابة، ويقولون: هذا من باب الزخرفة، وهذا من دأب غير المسلمين من أهل الكتاب.
ولا مانع أن تجعل عليه البطحاء، أي: أن يؤتى بالحصباء، وهي الحجارة الصغيرة حمراء أو سوداء، وتجعل على القبر صيانة له، كما هو الحال في البقيع في عدد من قبور زوجات رسول الله أمهات المؤمنين، وبنات رسول الله وعمات رسول الله؛ هذه القبور يوجد عندها أحجار صغيرة عند الرِجل وعند الرأس، والمسطح عليه من الحصباء من الرمل الأحمر الخشن على مسطح القبور المجموعة، فهي قبور منفصلة، ولكنها متراصة متجاورة، والله تعالى أعلم.