ذكر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره في الصلاة، لا كما يفعل بعض الناس كأنه يخنق نفسه، وكمن يدليها على بطنه.
ويذكر ابن رشد في (بداية المجتهد) قاعدة فقهية عند قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة:٦] ، وهي: هل العبرة بأوائل الأسماء أم بأواخرها؟ بمعنى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} هل يجزئ أن أمسح أول الرأس أم لابد أن أذهب إلى آخره؟ وينطبق ذلك أيضاً: أن يأتي إنسان ويقول: فلان له عليّ ألف ريال أدفعها إليه في رمضان، وفي أي يوم من رمضان؟ لفظ عام، فصاحب الدين في رمضان قال: أعطني الألف، قال: لا، في آخر يوم من رمضان، فأول يوم يصدق عليه أنه رمضان، وآخر يوم يصدق عليه أنه رمضان.
إذاًً: العبرة بأوائل الأسماء أم بأواخرها؟ الواقع أنها قضية ليست مطردة، ففي بعض الأشياء لا تحتمل تردد، وفي بعضها تحتاج إلى قيد وتحديد.
وهنا:(يضع اليمنى على اليسرى على صدره) : هل في أول الصدر من جهة البطن أم في آخر الصدر من جهة العنق؟ يحتمل الحديث الوجهين، ولكن جاءت النصوص الأخرى بالوضع الطبيعي، لا يرفعها إلى ترقوته، وهو العظم المستدير بالعنق، ومن بعده الضلوع، فإذا رفعه إلى الترقوة خرج عن الصدر، وإذا نزل عن الضلوع فقد نزل إلى القفص الصدري ومنه إلى البطن، وتأتي نصوص أخرى: فوق السرة، وعند السرة، وكلها تدور حول وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
إذاً: نرجع إلى الهيئة المعتادة، والشيء العرفي الذي يتعارف عليه الناس، والصورة التي ليست مستنكرة، فبعض الناس يكون مسترخي الأعصاب فيضعهما على البطن، وكأنه تعبان أو كسلان، وبعضهم يضعها وكأنه لا يستطيع أن ينهض، وبعض الناس يتعنت ويتشدد ويضع الأصبع على الأصبع، وبعضهم يذهب إلى نصف الساعد، وبصورة لو رأيتها تستنكر أن تكون هذه هيئة للصلاة.
والأمر الوسط هو الوضع على وسط الصدر، وألا يكون على هيئة مستنكرة.