ومن الدقائق في هذا الباب: ما يذكره الفقهاء: مِن أن مَنْ أودع وديعة فجاء صاحبها يطلبها، فقال: نعم، ولكني الآن جائع، وأريد أن آكل، فله المهلة، أو قال: نعم، ولكني الآن متعب وأريد أن أستريح؛ فله الراحة، أو قال: أنا الآن أكلت وامتلأت بطني، وأريد المهلة حتى ينهضم الطعام، وأستطيع أن أتحرك براحة، فيعطى المهلة وهكذا؛ لما له فيه مصلحة.
أما إذا طلبها منه بعيداً عن موطنها، فمثلاً: أودعه بالمدينة ولقيه بمكة، وقال: ائتني بوديعتي، فليس له حق في تكلفته في هذا الوقت، وللمودَع عنده أن يقول: وديعتك حيث أودعتني بالمدينة.
وإذا قال: إذا رجعت إلى المدينة فابعث بها إلي، فعليه أن يدفع مؤنة ردها وإرسالها؛ لأن مئونة إرسالها تابعة لها، وهي على صاحبها، ولا يكلف المودع بأجرة نقلها، قليلة كانت الأجرة أو كثيرة.
وبهذا القدر نكتفي، ومن أراد الزيادة والتفصيل فليرجع إلى كتب الفقه، وهذا الذي نبهنا عليه وننبه عليه دائماً: أن على طالب العلم أن يجمع بين مراجع الفقه ومراجع الحديث، فالحديث أصل يرجع إليه في تطبيق القواعد، والفقه تفصيل الجزئيات فيما يطرأ على الموضوع أو يظن به.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه.