حد الصغر من الكبر سن أربعة عشر وخمسة عشر، فأربعة عشر آخر حد الصغر, وخمسة عشر في حد الكبر، ومن يحدد عمر الإنسان؟ جاء رجل عندي في شهادة، فقلت له: كم عمرك؟ فضحك، قلت له: ماذا هناك؟ قال: تريد عمري في التابعية أو على حساب أمي وأبي؟ قلت له: كلاهما، حتى أنظر الفرق بينهما؟ قال: في التابعية عمري تسعون سنة، وعلى حساب أمي وأبي فوق المائة! فإن كان هناك ضبط لتحديد السن قُبِل، والناس مؤتمنون على أعمارهم.
ومن الناحية الطبية يحدد عمر الإنسان في نقطة واحدة فقط يقيناً قطعاً، وما عداها يكون ظناً وتخميناً، وهي سن السادسة عشرة، يقول الأطباء: هناك عظمان متقابلان يسعى كل منهما إلى الآخر، فإذا بلغ الإنسان ستة عشر سنة التقا العظمان معاً، فهما متباعدان، وكل ينمو ويمتد إلى الآخر إلى نهاية سن السادسة عشرة سنة، فيلتقي العظمان، وقبلها يعلم أنه ما بلغ ست عشرة سنة، وبعدها يعلم أنه تجاوز ست عشرة سنة، لكن كم بقي عليه حتى يصل إلى ست عشرة سنة؟ تخمين، وكم مضى عليه منذ وصل إلى ست عشرة سنة؟ تخمين.
والمؤلف رحمه الله يسوق هذا الحديث هنا ليبين أن الصغير الذي يحجر عليه لعدم الأهلية المالية حده خمس عشرة سنة، فإذا كان عمره خمس عشرة سنة لا يحجر عليه، وإذا مات الرجل وترك من الأولاد من هم في سن أربع عشرة فأقل فهم في وصاية، ويقام عليهم وصي يتصرف في أموالهم بالحكمة لمصلحتهم، وإذا كان منهم من تجاوز الخمس عشرة سنة فليس عليهم وصاية، وعند أبي حنيفة سبع وعشرون سنة، وليس هناك وقت ابتداء للحجر بوصف الصغر، لكن قد يأتي الحجر بعد ذلك لوصف السفه.
والصغير لا يعطى ماله إلا بعد البلوغ والرشد، يقول المولى سبحانه:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء:٦] ، وقبل هذا قال:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ}[النساء:٥] ، فالسفيه لا يتحكم في المال بل نحجر عليه، وإذا آنسنا من الصغار الرشد بعد التمرين والتدريب، بأن نعلمه البيع والشراء في الأشياء الخفيفة، فعند ذلك نعطيه ماله بعد البلوغ والرشد، وكنا نشاهد في المدينة في الستينات الطفل الصغير يبيع الجاز والكبريت والملح، وأشياء خفيفة ليس فيها غبن عليه.