الصيغة التي جاءت منه صلى الله عليه وسلم تعليماً للسائلين:(قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد) ، من هم آل محمد؟ بعضهم يُجمل ويقول: كل من حرمت عليه الزكاة، وبعضهم يقول: بنو هاشم وبنو المطلب، وهل الزوجات من الآل أم لا؟ الجمهور يخرجونهم من ذلك لحديث غدير خم.
إلى آخره، وهذه مسألة جانبية.
(اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد) .
المعروف في قانون البلاغة: أن المشبه به أقوى من المشبه، تقول: زيد كالأسد في الشجاعة، المشبه زيد، والمشبه به الأسد، وجه الشبه الشجاعة، وهل الشجاعة أقوى في زيد المشبه أو في الأسد المشبه به؟ في الأسد وتقول: فلان الأمير أكرم من حاتم، أفعل التفضيل، فتكون نسبة الأفضلية للأمير على حاتم، ويبقى الأمير أكرم من حاتم، فإذا جاءوا هنا يقولون: من أفضل محمد أو إبراهيم؟ بإجماع المسلمين أن محمداً أفضل الخلق بلا شك ولا نزاع، فإذا كان هو الأفضل كيف يقال: صلِّ على الأفضل كما صليت على المفضول.
والغرض من التشبيه: إلحاق المشبه بالمشبه به في الصفة، يعني المشبه أقل صفة من المشبه به، وأنت تقول:(صلِّ على محمد) وتلحقه به (كما صليت على إبراهيم) ، فأنت هنا جعلت المشبه وهو محمد أقل وتلحقه بإبراهيم، فجعلت إبراهيم هو الأفضل والصلاة عليه أكثر، وكيف يصير هذا؟ وأخذوا يحاولون الإجابة إلى ما شاء الله، ولكن: هل الصحابة عندما سمعوا هذه الصيغة ناقشوا هذه المناقشة؟ قولوا فقالوا وانتهى، والذي قالها سيد الخلق وسكت طويلاً، ونجزم بأنه كما قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣-٤] ، إذاً: لا حاجة إلى النقاش، ولكن من باب ما قيل: هي صلاة مستقلة لا علاقة لها بإبراهيم ولا إسماعيل، ويبقى التشبيه منصب على آل محمد كما صلى على آل إبراهيم، وهذه فيها تكلف، ولكن للخروج من هذه الورطة التي أدخلوا فيها أنفسهم، من الذي قال لكم تناقشوا؟ (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) ومن هم آل إبراهيم؟ قالوا: جميع الرسل من ذرية إبراهيم، فتكون الصلاة على آل إبراهيم، ومن ضمنهم محمد، ألم يقل: إن جده إبراهيم؟ أليس هو ولد إسماعيل, وإسماعيل ولد إبراهيم؟ فمحمد من آل إبراهيم، وآل يعقوب كلهم من آل إبراهيم، فتكون الصلاة على محمد وآله كالصلاة على إبراهيم وعلى جميع الأنبياء من ذريته ومنهم محمد، إذاً: صارت الصلاة الأكثر على محمد.
إذاً: ليس هناك مناقشة، ولعل هذا يكفينا في هذه المسألة.
(في العالمين إنك حميد مجيد) وهذه جاءت في بعض الروايات.
(والسلام كما علمتم) .
والسلام كما علمتم أو كما عُلِّمتم؛ لأن السلام كانوا يقولونه قبل أن تفرض التحيات: السلام على الله، السلام على النبي، على جبريل، على ميكائيل، فقال:(لا تقولوا: السلام على الله، ولكن قولوا: السلام عليك) كما تقدم في الدروس الماضية، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رواه مسلم وزاد ابن خزيمة فيه:(فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟) .