في هذه المسألة الواردة في هذا الحديث وسع الفقهاء رحمهم الله التفصيل فيها، وقالوا: إذا لم يكن له من الزرع شيء فله النفقة، والزرع يرجع لصاحب الأرض فهل يلزم الزارع بأخذ النفقة فقط ويترك الزرع، وهل يلزم أصحاب الأرض بأن يدفعوا النفقة ويأخذوا الزرع؟ لو قالوا: لا نريد الزرع، ليأخذ زرعه، لن ندفع شيئاً ماذا يقال لهم؟ في هذه الحالة يخير أصحاب الأرض: في أن تحسب عليه الأرض بالإيجار إلى أن تستحصد، ويكون كالمستأجر من غيره، وبهذا نكون قد جمعنا بين المصلحتين:(لا ضرر ولا ضرار) ؛ صاحب الزرع يأخذ زرعه، وصاحب الأرض يأخذ أجرة مثلها، فنكون ضمنا لصاحب الأرض حقه وفائدته من أرضه، وحفظنا على الغاصب زرعه، وقد دفع أجرة الأرض.
وابن حزم يشنع على الفقهاء في هذه القضية، ويقول: على هذا فكل من يريد أن يغصب أرضاً ما عليه إلا أن يذهب ويزرع فيها وسوف يدفع الأجرة ويأخذ الزرع، فهذا يمكن المعتدين من زيادة الاعتداء.
ولكن الفقهاء يقولون: يجب مراعاة المصلحة، فقولنا له: خذ زرعك وهو إلى الآن لم يستحصده، ماذا سيفعل به؟ سيعدمه، ويتلفه، وإتلاف المال لا يجوز، فإذا أمكن الاستفادة من هذا المال في المستقبل نحافظ عليه، وأنت يا صاحب الأرض لما فاتت عليك مصلحة أرضك، نضمنها لك بالأجرة.