قال رحمه الله: [وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب، وإلا فأومئ) ، رواه البخاري] .
هذا الحديث النبوي الشريف يعتبر أصلاً في صلاة أهل الأعذار بصفة عامة، والعذر قد يكون مرضاً، وقد يكون خوفاً، وغير ذلك، وفي الحديث التدرج في كيفية الصلاة، وهو يُبيّن لنا إلى أي مدى وصلت سماحة الإسلام في خفة التكليف، وفي بعض روايات هذا الحديث:(أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] ) ، ونحن جميعاً في حاجة ماسة إلى دراسة هذا الحديث بتوسع إلى حد ما يشمله من أصناف الناس في صلاتهم، فقد يكون العذر يعتري الإنسان بنفسه، وقد يكون يعتري إنساناً يخصه، وقد يكون إنسان مسئولاً عن جماعة، وفي الجملة بعد هذا كله تأتي النتيجة الحتمية؛ لأن فريضة الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال، والأصل في القيام:(صل قائماً) كما جاء في قوله سبحانه: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة:٢٣٨] ، والقنوت يكون بمعنى الخشوع، ويكون بكثرة الدعاء؛ فالقيام ركن في الصلاة، فإذا عجز الإنسان عن إتيان ركن القيام انتقل إلى ما بعده، فإذا عجز عما بعده انتقل أيضاً إلى بعد ما بعده، وهكذا نجد في أركان الإسلام جميعاً.
نجد في الصيام {مَنْ كَانَ مَرِيضاً} ، أي: لا يستطيع الصوم، {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ، يشق عليه، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤] .
والزكاة لا تجب إلا على من ملك النصاب بغنى؛ بحيث أنه يبقى عنده حتى يحول عليه الحول وهو لا يحتاج منه إلى شيء.
والحج من استطاع إليه سبيلاً.
والجهاد يسقط عن الأعمى والأعرج وأصحاب الأعذار، وهكذا نجد التكليف في كل أركان الإسلام بقدر المستطاع، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] .