حالات المستحاضة أربع، وقد ذكرنا ثلاث حالات، والرابعة هي: المبتدئة التي بدأها الحيض، ثم استمر عليها الدم ولم تعرف حيضها من استحاضتها، وليس هناك لون ولا رائحة تميز به، وليست عندها حيضة سابقة، ولا تعرف لها عادة حتى ترد إليها، ولا ترد إلى غالب عادات النساء لأن الكلام على أول ما يأتيها الدم وآخره، فمن العلماء من يقول: إنها تنتظر إلى أقصى مدة الحيض، وأقصى مدة الحيض عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله عشرة أيام، وعند الأئمة الثلاثة خمسة عشر يوماً، فالإمام أبو حنيفة يرى أن أقل مدة الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، والأئمة الثلاثة يرون أن أقل مدة الحيض يوماً وليلة، وأقصاه خمسة عشر يوماً، ومالك يفرق بين الحيض بالنسبة للصلاة والصوم، والحيض بالنسبة للعدة في الطلاق، فيعتبر الحيض بالنسبة للصلاة أو الصوم ولو ساعة من النهار، فلو حاضت المرأة في نهار رمضان ساعة من النهار فقط أفطرت ذلك اليوم، واعتبرت تلك الساعة حيضة، أما إذا كانت في عدة الطلاق فلا تعتبر تلك الساعة حيضة، ولا تعتد إلا إذا كانت الحيضة يوماً وليلة مثل الأئمة الآخرين.
هذه المبتدئة بعضهم يقول: تجلس إلى آخر انقضاء مدة الحيض، فإذا استمر بعد ذلك اعتبرت نفسها مستحاضة بعد مضي الخمسة عشر يوماً، وبعضهم يقول: المبتدئة تقعد عن الصلاة والصوم يوماً واحداً -وهو أقل مدة الحيض- احتياطاً، ثم تصلي وتصوم، وتعمل ذلك ثلاثة أشهر، فإن استمر الدم إلى ما بعد نهاية مدة الحيض في الثلاثة الأشهر، فإنها تنتقل إلى التمييز إن حصل، أو إلى غالب ما تحيضه النساء ستة أو سبعة أيام.
إذاً: هذه المبتدئة التي لم تعلم لها عادة سابقة، ولم تجد في الدم مميزاً، فإنها تجلس عند البعض أقل مدة الحيض، ثم تغتسل وتعتبر الباقي استحاضة، وتصلي وتصوم إلى ثلاثة أشهر، فإن استقرت على هذا رجعت إلى غالب عادة النساء.
ومنهم من يقول: من أول ما ترى الدم تجلس إلى أقصى مدة الحيض، وهذا هو اليقين، وبعد الخمسة عشر يوماً تغتسل، فإن استمر معها بعد الخمسة عشر يوماً فهو استحاضة، وإن كانت صامت قبل ذلك فإنها تقضي صومها؛ لأنها صامته في حالة الحيض.