هذا سعد رضي الله تعالى عنه، يوصي لما عرف دنو الأجل، فأوصى أهله عند دفنه، قال: ألحدوا لي لحداً.
إذاً كان هناك الشق، وكان هناك اللحد، ولو كان هناك شيء واحد فقط لما احتاج إلى توصية، ويكون سبيله سبيل الآخرين، لكن وجد الأمران، وتقدم لنا في صفة دفنه صلى الله عليه وسلم، أنهم اختلفوا في اللحد والشق وكان في المدينة رجلان: أحدهما يشق، والآخر يلحد، فقالوا: أبعثوا إليهما، فأيهما جاء أولاً، عملنا عمله، فجاء الذي يلحد، وهو أبو طلحة رضي الله تعالى عنه، فلحدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهنا سعد يقول: ألحدوا لي لحداً، ثم يبين لهم فيقول: كما فعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي اختاره الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، مع تساوي الأمرين من حيث إنه كان يمكن أن يأتي هذا ويمكن أن يأتي ذاك، وهما متساويان، فلما اختار الله لنبيه أحد المتساويين من وجه؛ كان ذلك أرجح وأفضل من الآخر.
ثم قال سعد: وانصبوا عليّ اللبن.
وذلك لسد الفراغ بعد إدخاله اللحد، وإذا وجدت فُرج ما بين اللبنة واللبنة، وضعت فيها الحصيات الصغيرة، وقيل يجعل فيها شيء من كسر اللبنات، وقيل يجعل فيها من الطين ما يمنع التراب أن ينهال عليه.
فإذا وضع في اللحد نصبت عليه اللَّبِن، كما قال سعد: واللبن: مفرده لبنة، وهو الطوب الذي لم يحرق كالفخار، وكانوا يكرهون وجود الطوب المحروق في القبر، فهذا سعد رضي الله تعالى عنه، يوصي أن يجعل له ما جعل مثله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.