[مسألة: هل انتهاء مدة المسح ناقض للوضوء؟]
إذا اعتبرنا بداية اليوم والليلة من بعد العصر، له أن يمسح إلى أن يأتي الظهر من اليوم التالي، أو إلى قبيل العصر للنوافل، فلو مسح قبل العصر وقبل إتمام الأربع والعشرين ساعة، فبعد العصر يكون خرج عن المدة أم لا؟ خرج.
هو على وضوئه، فقد توضأ قبل العصر وبقي على وضوئه لم ينتقض وجاء العصر، فهل يصلي العصر الواقع بعد اليوم والليلة بهذا الوضوء الذي وقع بالمسح خلال اليوم والليلة، أم أنه بانتهاء التوقيت يكون قد انتهى الوضوء؟ هناك من يقول: يصلي؛ لأنها طهارة مكتملة ولم يأت ما ينقضها، وهو قول الحسن البصري، فيصلي إلى أن ينتقض وضوءه الأخير، أما الجمهور فيقولون: المسح رخصة، إلى وقت محدد، فلما انتهى الوقت انتهت الرخصة.
أنت حين تأخذ تأشيرة للسفر إلى بلد -وانتهت مدة التأشيرة- وأنت على أهبة السفر، خرجت -مثلاً- من بلدك متوجهاً إلى لندن ونزلت في عدة مطارات، فلما وصلت إلى لندن كانت التأشيرة قد انتهت بالأمس، بينما أنت انتقلت من بلدك منذ عدة أيام، فهل سيتغاضون عن الأيام السابقة، أم سيقولون لك: انتهت التأشيرة، وعليك أن ترجع؛ لأنك تحتاج إلى تأشيرة جديدة؟ فالجمهور يقولون: إذا كان على وضوء قبل مضي المدة، ثم دخلت صلاة بعد خروج المدة المحددة فلا يصليها بذاك الوضوء.
فإن قيل: هو لم ينتقض وضوءه.
قالوا: لكن المدة انتهت، وأبطلت المسح الذي مسحه أثناء المدة.
ولتلخيص ما سبق نقول: بدأت المدة من أول المسح، وتنتهي مدة المسح وصلاحيته بعد أربع وعشرين ساعة، فإذا توضأ ومسح بعد ثلاث وعشرين ساعة، فهل يكون مَسَح في المدة أم لا؟ يكون مسح في المدة، فجاء بعد سبع وعشرين ساعة ليصلي، ووضوءه الذي كان قبل بضع ساعات لا زال باقياً لم يطرأ عليه ما ينقضه، أيصلي بعد خروج المدة بثلاث ساعات بذاك الوضوء السابق في المدة، أم لا يصلح ذاك الوضوء للصلاة؟ هناك من يقول - كـ الحسن البصري -: يصلي ما شاء ما دام وضوءه لم ينتقض؛ لأنه وضوء صحيح بمسح صحيح في وقته.
والجمهور يقولون: لما انتهت المدة انتهت الرخصة.
وهذا يشمل المسح سواء كان في مدة السفر أو في مدة الحضر، ولو توضأ ولبس الخف -وقد أشرنا إلى ذلك فيما سبق- وقبل أن يحدث خلع الخفين، ثم لبسهما مرة أخرى قبل أن يحدث، فهل يمسح عليهما أم لا؟ يمسح؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، فلو توضأ لصلاة المغرب وصلى بوضوء المغرب العشاء وغسل القدمين عند وضوئه للمغرب، وذهب إلى المسجد وصلى العشاء، فلما دخل البيت لبس الخفين -خوفاً من البرد عند صلاة الصبح- وهو على طهره من المغرب، فلبس الخفين بعد صلاة العشاء، فهل هذا اللبس صحيح أم باطل؟ صحيح؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، فإذا جاء الصباح وانتقض الوضوء بالنوم أو بغيره يمسح على الخفين؛ لأنه أدخلهما طاهرتين، إذاً: ليس بشرط أن يكون لبس الخفين عقب غسل القدمين في الحال، فما دام على طهره الأول ولو طال الزمن ولبس الخفين وأدخلهما طاهرتين، فله أن يمسح عليهما.
وإذا لبس الخفين على طهارة وطال الزمن، ثم انتقض وضوءه، ولم يكن قد مسح على الخفين قبل ذلك، فخلع الخفين، هل يلبسهما على ما كان عليه، أم يستأنف وضوءاً جديداً؟ يستأنف وضوءاً جديداً.
فإذا كان قد توضأ ثم انتقض وضوءه ومسح على الخفين ثم خلعهما بعد أن مسح عليهما مسحة، حينما خلعهما أيعود للبسهما، أم يجدد الوضوء؟ يجدد الوضوء؛ لأن الوضوء قد انتقض، والوضوء الموجود الآن بمسحة، والمسحة يشترط فيها طهارة القدمين دائماً، فلما خلعهما انتفت رخصة المسح وعليه أن يستأنف وضوءاً جديداً.
وهناك من يقول: يغسل قدميه فقط، ولكن الجمهور على أن الطهارة لا تتجزأ، فعليه أن يستأنف وضوءاً من جديد.