ومن المباحث: أن المصلي قائماً لا يجوز له أن يتكئ على العصا أو على العمود أو الجدار، إلا إذا كان اتكاءً خفيفاً لا يعتمد في القيام عليه، ويقول بعض العلماء: كيف نعرف إذا كان الاتكاء خفيفاً أو كلياً؟ قالوا: لو أنه كان متكأ إلى جدار لو قدر أن الجدار سقط سيسقط معه، فلذلك لا يصح قيامه، وإن كان اتكاءاً خفيفاً بحيث لو سقط الجدار هو لا يسقط، فهذه ركنة فقط وليست اتكاء، نحن يهمنا أكثر من هذا: كيف أن سلف الأمة فصلوا في الجزئيات ما لا يخطر على البال؟! إذاً العاجز على القيام له أن يتكئ ويصلي مع الإمام متكئاً أو منفرداً، وبقدر ما يستطيع مع إمامه، هناك حالات طوارئ كإنسان جاء بحمد الله بعافية وكبر ووقف في الصف مع الإمام وقرأ ويستمع بصحة وكمال، وعندما ركع شعر بمغص -نسأل الله السلامة والعافية- وطرأ عليه ما يعجزه عن القيام في الركعة الثانية، هل له أن يكمل صلاته قاعداً أم لا؟ قالوا: إن جاء إلى المسجد وإلى الصف ويعلم بأنه مريض ولا يستطيع القيام وكبر وهو جالس، ولما تحرك وركع بالإيماء وسجد قدر المستطاع، وجد أن الألم الذي كان يشكو منه قد زال ووجد من نفسه خفة ويستطيع أن يقوم مع الإمام؛ فإذا قام مع الإمام في بقية الصلاة تكون الصلاة كلها صحيحة، أما إن قام ثم عجز أو كان عاجزاً ثم استطاع فيكمل صلاته على الحالة التي هو عليها؛ لأنه في حالة قيامه أتى بما استطاع، وعندما طرأ عليه العذر كانت هذه حالته، وعندما بدأ الصلاة بعذره كان هذا مشروعاً في حقه، وعندما زال العذر رجع إلى الأصل؛ فالصلاة تكون صحيحة، ويبني على ما مضى منها، ولا يستأنف صلاة جديدة.
ومما تدعو الحاجة إلى ذكره: صلاة الخوف، أليس من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة؟ بلى، فإذا كانوا في ظروف لا يمكن أن يكونوا مستقبلين القبلة، بأن كان العدو في جهة أخرى، ولا يمكن أن يعطوا العدو ظهرهم، أو لا يستطيعون أن ينقسموا قسمين: قسم يصلي مستقبلاً القبلة، وقسم يواجه العدو، فإن اضطروا إلى الصلاة تجاه العدو صلوا وهم منصرفون عن القبلة؛ لأن هذه حالتهم.