قال رحمه الله تعالى:[وعن ابن عمر رضي الله عنهما: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم] .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء سمع من رسول الله أو قال له رسول الله، بأي حالة من الحالات فـ ابن عمر يسند الخبر إلى رسول الله، يعني: أن هذا الخبر الذي سيأتينا به إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس من عنده ولا من عند صحابي آخر، بل مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
[ (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا تبايع الرجلان) ] .
(تبايعا) ، على وزن تفاعلا، من طرفين، مثل تشاجرا، تشاركا، تقاربا، وهي هنا صيغة من صيغ العقود، وفي علم البيان تصلح إنشاء وإخباراً، وكذلك حينما تقول: بعت الكتاب.
فهي تصلح أن تكون إخباراً عن البيع الماضي، وتصلح أن تكون إنشاءً في البيع، كما لو جاء إنسان وقال: أريد هذا الكتاب؟ يقول: بعتك.
فـ (بعتك) يمكن أن تكون إنشاء كلام وإنشاء حكم نسبي، ويمكن أن يكون إخباراً عن ماض، فإذا قال:(تبايعا) يعني تم البيع بينهما أو أخذا يتبايعان، والفرق بينهما: هو الذي سيأتي عليه مبنى الخلاف بين الأئمة رحمهم الله.
فإذا قلنا: إذا تبايعا أخذا في المبايعة، تبايع الرجلان: تفاهما على البيع، وحصل الإيجاب والقبول، وتمت عناصر البيع.
(الرجلان) هل الرجلان مفهوم صفة أم أنه مفهوم لقب؟ بمعنى يدخل فيه المرأتان أو رجل مع امرأة كذلك؟ المعنى: إذا تبايع المتبايعان رجلان، امرأتان، رجل وامرأة كل ذلك ما دام أنه في حيز التكليف والعقل والحرية وصحة التصرف والأهلية فهو داخل في:(إذا تبايع الرجلان) .
ثم قال: [ (فكل واحد منهما بالخيار) ] .
هما: ضمير مثنى، وعندنا اثنان فقط: البائع والمشتري، فكل واحد منهما بالخيار في البيع الذي أوقعاه، أي: من حق كل واحد منهما أن يقول لصاحبه: أنا رجعت عن البيع، والثاني يقول له: أنا رجعت عن الشراء، فكل واحد منهما بالخيار.