فالإمام يصلي، وتبدأ صلاته بالنية، ثم تكبيرة الإحرام، ثم بعد ذلك الدعاء قبل القراءة، ثم بعد ذلك الفاتحة، فإن كانت جهرية جهر بها، ومع الفاتحة ما تيسر من كتاب الله يجهر به، ثم يركع ويسبح، ثم يرفع، وهناك أشياء منصوص عليها، وهناك أشياء لا نص عليها، فهل المأموم يأتم بالإمام في كل شيء، أو فيما هو ظاهر من الأعمال؟! هناك من أخذ الحديث على عمومه باعتبار (إنما) للحصر، فقالوا: من الصلاة النية، فيؤتم بالإمام في النية في الصلاة فلو كان الإمام مفترضاً والمأموم متنفلاً أو العكس، فهل يصح ذلك مع أنه لم يقتد به؟ وإذا كان الإمام في نية عصر والمأموم في نية ظهر فهل ائتم به في نية وهي من الصلاة؟ فمن قال الإمام يؤتم به في كل شيء وأدخل النية في ذلك لم يصحح صلاة مأموم بإمام تختلف النية بينهما، وهذا واقع، ولكن وجدنا أحاديث أخرى تسمح في مغايرة النية.
أما الأحاديث التي فيها مغايرة النية فمنها ما سيأتي في حديث معاذ، حيث كان يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده، ثم يذهب إلى قباء فيصلي بهم العشاء نافلة له وفريضة لهم، فاختلفت النية ما بين فرض ونافلة.
وكذلك ما جاء في حق الرجلين الذين رآهما صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح جالسين لم يصليا معه، فقال:(ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا فقال: لاتفعلوا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة) .
ومن هنا قالوا لو أن إنساناً نام عن الظهر وجاء والإمام في صلاة العصر فهنا يقع الخلاف.
فمَن قال يؤتم به حتى في النية لا يُجوِّز لصاحب الظهر أن يأتم بصاحب العصر.
والذين قالوا: النية خارجة عن ذلك، أو أخذوا بالنصوص الأخرى، قالوا: لا مانع، وهذا رأي الشافعية، حيث يقولون بصحة صلاة المأموم المقتدي بالإمام مع اختلاف النية.