الحالة الثالثة: عرفنا كيفية الغسل، وتعين مكان الدفن، بقي نوع الدفن، وكان في المدينة طريقتان: طريقة الشق، وطريقة اللحد.
والشق هو: أن يحفر وينزل بعمق في الأرض إلى مستوى -كما يقولون- صدر الرجل العادي، فيوضع الميت في هذا الشق، ويبنى عليه باللبن على هيئة العقود? ثم يهال التراب فوق تلك اللبنات.
أما اللحد: فبعد أن ينزلوا بالحفر إلى المستوى المطلوب يأتون إلى أحد الجانبين في القبر -وغالباً يوضع الميت على شقه الأيمن ما بين الغرب والشرق في المدينة والقبلة أمامه- فيحفرون من جانب القبر الشمالي بقدر ما يسع جسم الميت، ويدخلونه تحت هذا اللحد المائل، وإذا ما أدخلوه في هذا اللحد وصار مسامتاً لحافة القبر في الشق، سدوا هذا اللحد باللبن، وأصبح الشق خالياً والميت تحت الأرض من جهة ما ألحدوا له، ثم أهالوا التراب في الحفرة على ما كان.
وهنا قالوا: ماذا نفعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أنشق له شقاً، أم نلحد له لحداً؟ لأن الحالتين كانتا موجودتين في المدينة، بعد أن فكروا في هذا -وليس عندهم أيضاً خبر يقفون عليه ليعملوا بمقتضاه- قالوا: أرسلوا رسولاً للذي يشق ويدفن في الشق، وأرسلوا رسولاً للذي يلحد ويدفن في اللحد، أيهما جاء أولاً يبدأ في الحفر، فجاء صاحب اللحد، فلحدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.