للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأخير الخلطة في غير بهيمة الأنعام]

وهناك من يقول: الخلطة تؤثر في الزكاة في غير بهيمة الأنعام، كعروض تجارة بين شخصين، أحدهما لديه سكر والآخر لديه شاي، فجمعا الشاي والسكر، وأتيا بصبي لهما يبيع في المتجر، فالمتجر واحد، والميزان واحد، والصبي واحد، والخلطة موجودة، ومرافق العمل كلها متحدة؛ فهناك من يقول: هذه الخلطة بهذه الصفة تؤثر، فلو كان مجموع الصنفين قيمته نصاب زكيت على حسبها، وإن كانت قيمة الصنفين لم تصل إلى النصاب فلا شيء فيها، ولو كانت قيمة أحد الصنفين نصاباً والأخرى لم تبلغ النصاب فإنه يشارك في الزكاة؛ لأن عروض التجارة ليس فيها وقص، وإنما إذا بلغ النصاب أخذت الزكاة في النصاب، وما زاد على النصاب فبحسبه.

نحن عندنا في الغنم من الأربعين إلى المائة والعشرين تسمى وقصاً، وتلك الزيادة لا أثر لها، إنما هي شاة واحدة من بلوغ الأربعين، بخلاف الذهب والفضة، فإنه إذا امتلك عشرين مثقالاً تم النصاب، وفيه ربع العشر، فإذا امتلك خمسة وعشرين مثقالاً نقول له: زك الجميع، فلابد أن يزكي الخمسة والعشرين بنسبة زكاة العشرين اثنين ونصف في المائة، فإذا امتلك ثلاثين ديناراً أيضاً زكي الثلاثين بنسبة اثنين ونصف في المائة، إذاً: لا وقص، وحيثما كان لا وقص فالجميع سواء.

وهذا المبحث في كتب الفقه له تفريعات، وله مسائل فرعية عديدة جداً؛ لأن بهيمة الأنعام يشترط فيها الحول، والخلطة يشترط فيها أن تكون حولاً كاملاً، وهي عندهم كالمال المتجدد، فلو ملك ثلاثين في نصف الحول، وعشرة في النصف الثاني، فهل عليه زكاة أو حتى تتم العشرة الحول كاملاً، وكذلك في الخلطة.

فلو أن الخليطين اختلطا في أول الحول، وجاء ثالث وخلط في نصف الحول، فانتهى حول الاثنين وحول الثالث لم يأت بعد، ماذا يكون الحال؟ وهذه تفريعات في الواقع لا يتأتى تناولها بصفة عامة على هذه الحال، وإنما يهمنا بيان الهيكل الأساسي في الخلطة.

ومرة أخرى بالإجمال: الخلطة إما شركة أعيان وإما شركة أوصاف، فشركة الأعيان مشاعة على ما هي عليه، وشركة الأوصاف يكون ملك كل واحد متميزاً بعينه، لكن اختلطا عاماً كاملاً وصحت الخلطة، فيعامل هذا المال المختلط معاملة مال الرجل الواحد، ولو أن كل شخص من الخلطاء امتلك جزءاً من النصاب، وبمجموعهم كمل النصاب أخذت الزكاة، أما لو فرقا وكل امتلك حقه فلا زكاة على واحد منهم.

إذاً: الخلطة قد تنفع الخلطاء وقد لا تنفعهم، بحسب اكتمال النصاب أو زيادته أو النقص منه.

هذا ما يتعلق بخلطة بهيمة الأنعام، أما تأثير الخلطة في غيرها فهذا موضع خلاف فيما يتعلق بعروض التجارة إذا اتحدا أيضاً في الدكان أو المكان، واتحد البائع والميزان أو المكيال أو الذراع أو غير ذلك، ثم يرجع الخلطاء كل على صاحبه بنسبة ملكه في الخلطة.