قال المصنف رحمه الله: [وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا استهل المولود ورث) ، رواه أبو داود، وصححه ابن حبان] .
هذا الحديث فيما يتعلق بصحة ميراث الحمل إذا وُلد، ويتفرع عليه بعض المسائل في الرق وأم الولد.
يقول صلى الله عليه وسلم:(إذا استهل) الاستهلال والإهلال والتهليل مأخوذ من الهلال، أصل وضع الكلمة للهلال حينما يظهر في أول الشهر؛ لأن الناس يترقبونه، فإذا رآه أحدهم هلل، أي: رفع صوته وقال: هذا الهلال.
ثم استعملت الكلمة بعد ذلك في كل تهليل، أي: في كل رفع الصوت، وتستعمل من باب النحت التهليل قول القائل: لا إله إلا الله.
كما قيل: التسبيح من قول القائل: سبحان الله.
الحوقلة من قوله: لا حول ولا قوة إلا بالله.
واستهلال الصبي إنما هو ظهور الصوت بالبكاء والصراخ عند ولادته؛ لأن هذه الحالة هي أصدق علامة على حياتها؛ لأن الميراث لا يكون إلا للحي، فإذا لم يستهل ولم يصرخ ولم تثبت حياته فلا ميراث له، والأصل في باب الحمل في الميراث أنه واسع؛ وذلك أن الميت إذا مات وترك ورثة أحياء، وترك زوجه حاملاً، هذا الحمل إن ثبت وجوده في الرحم كائناً حياً فهو من أهل الورثة، ويستحق الميراث باستهلاله صارخاً.
أما إذا جاء وقت الولادة فنزل ميتاً فلا ميراث له، وإن كان الأصل فيه عند موت مورثه الحياة، لكنه لما جاء إلى الدنيا جاء إليها ميتاً، والميت لا يرث شيئاً.