بعدما أنهى المؤلف رحمه الله تعالى بيان زكاة الأموال بأجناسها المتفق عليه والمختلف فيه جاء إلى هذا الباب العام الشامل، وهو: زكاة الفطرة، ويقال لها أيضاً: زكاة الفطرة، فعلى أنها زكاة الفطر -أي: الفطر من رمضان- حينما يفطر الصائمون يخرجون هذه الزكاة كما بين صلى الله عليه وسلم الغرض منها من جانبين: طهرة للصائم، وكما يقول بعض العلماء: زكاة الفطر بالنسبة إلى الصوم كسجدتي السهو، فسجدتا السهو تجبر ما كان من نقص أو خلل في الصلاة بالزيادة أو النقص، وصدقة الفطر تجبر أيضاً ما كان من الصائم من خلل في صومه، فهناك بعض الأمور التي يغفل عنها الصائم: كلمة بلسانه، أو نظرة بعينه، أو حركة بيده أو نحو ذلك.
يقول جابر رضي الله تعالى عنه:(لا يتم صوم الصائم حتى تصوم جوارحه) ، وكذلك الحديث الآخر:(من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) .
كذلك جاء في الحديث:(الصوم جنة ما لم يخرقها، قالوا: بم يخرقها يا رسول الله؟ قال: بكذب أو بسباب) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، والصائم أو المسلم ليس معصوماً، فقد يقع منه بعض تلك الأشياء التي لا تبطل الصوم، ليست بأكل ولا شرب ولا وطء، فصومه صحيح، ولكنه مجروح، فتأتي زكاة الفطر وتعالج تلك الجراح التي وقعت على صومه في نهار رمضان.