في هذا الباب جاءت نصوص أخرى مع حديث أبي السمح، منها: أنَّ أم قيس بنت محصن: أتت بابن لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه -والتحنيك: هو أن يأخذ الكبير تمرة فيلوكها في فِيه، ثم يخرجها بعد المضغ وامتزاجها بلعابه، ويضعها بين فكي الطفل، فيبلغها أو يتلمض بها- قالت: فبال على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا بماء ونضحه) .
وكذلك جاء عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: كانوا يأتون بالصبية إلى النبي صلى الله عليه وسلم للتبريك، والتحنيك -والتبريك: التماس البركة، ويحنكهم ليختلط ريقه صلوات الله وسلامه عليه بالتمرة، ويبتلعه الطفل الصغير- (فبال غلام على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، أو في حجره صلى الله عليه وسلم فأتبعه بالماء) .
وجاء عن أم قيس حديثان، أحدهما قالت فيه:(أتي بغلام فبال على ثوبه صلى الله عليه وسلم فنضحه، وأتي بجارية فبالت على ثوبه فغسله) .
وعن أم الفضل:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بغلام -الحسن، أو الحسين- فصعد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم فبال على صدره، قالت: قلت: أعطني ثوبك -يا رسول الله- أغسله والبس غيره قال: إنما ينضح من بول الغلام) .
وعن علي رضي الله تعالى عنه:(أن غلاماً بال على ثوب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يرش من بول الغلام ويغسل من بول الجارية) ، قال قتادة: وذلك قبل الفطام، أو: وذلك للرضيع.
وكل هذه الآثار جمعها وساقها صاحب المنتقى، وتكلم عليها الشوكاني في نيل الأوطار، وغيره.
والقول الصريح بضم الفعل مع مجموع ذلك كله أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين بول الغلام الذكر، وبول الجارية الأنثى، وهذا التفريق محله قبل أن يستغني بالطعام ما دام رضيعاً، فأمر بغسل بول الجارية، واكتفى أو أرشد إلى نضح أو رش بول الغلام.