حديث ابن عباس هذا رضي الله تعالى عنه قال:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين) .
إذاً: صدقة الفطر لها مهمة مزدوجة، مهمة للمعطي ومهمة للآخذ، فمهمتها مع من يعطيها سلامة صومه، وجبر ما عساه قد طرأ عليه من نقص، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(الصوم جنة ما لم يخرقه.
قالوا: بماذا يا رسول الله؟ قال: بسباب أو فسوق أو شتام أو نحو ذلك) .
إذاً: الصوم قد يكون درعاً سابغاً سليماً وافراً، وقد يكون مخرقاً يحتاج إلى ترقيع وتلحيم، فتأتي زكاة الفطر وتلحم هذه الثقوب أو تصلح هذا الفساد الذي طرأ على الصوم من لغو أو رفث.
فالزكاة من حيث هي عبادة تجبر النقص، وتكفر المعصية؛ لأن ما خرق جنة الصوم إلا بعصيان، والعصيان يحتاج إلى تكفير، فكانت زكاة الفطر تكفر أخطاء الصائم، قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤] .
وهكذا كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بربط نافلة الصلاة مع فريضتها، وكذلك نافلة الصوم مع فريضتها، ويأتي هذا العامل الجديد وهو زكاة الفطر مع الصوم وهي من غير نوع الصيام، فنافلة الصلاة كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه حينما يحاسب العبد على الفريضة في الصلاة ويوجد فيها نقص أو خلل، يقول المولى سبحانه للملائكة:(انظروا هل لعبدي من نوافل؟ فيقولون: بلى يا رب.
فيقول: اجبروا فريضته من نوافله) .
إذاً: هذه النافلة جبرت نقص الفريضة من نوعها، وجاء خبر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيه:(وكذلك الصيام) ، يعني أنه ينظر في فريضة الصيام، فإذا كان فيها نقص سأل المولى سبحانه الملائكة -وهو أعلم بذلك-: هل له من نافلة في الصوم؟ فيقولون: بلى.
فيقول: اجبروا فريضته من نوافله.
وسيأتي في نافلة الصدقة المقارنة بينها وبين الفريضة، وفي الحديث:(ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) وسيأتي التنبيه عليه في باب صدقة التطوع.