[حكم وصول العبادات المالية إلى الميت]
قال بعض العلماء: ما كان من عمل مالي فهو يصل إلى الميت قطعاً، فهو داخل في عموم الصدقة، وقد كان صلوات الله وسلامه عليه بعد الهجرة ربما ذبح الشاة وقسمها صدقة عن خديجة لصاحباتها، حتى قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: خديجة، حتى بعد الممات خديجة.
فهذا فعله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك سداد الدين؛ فإن المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجها عن أمها: [إن فريضة الله في الحج، أدركت أمي أفأحج عنها؟] كان الجواب يكفي: نعم أو لا، ولكن يأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقام بقياس؛ لنأخذ نحن الحكم من أنفسنا: (أرأيتِ -أخبريني وأعلميني- لو أن على أمك دين فقضيتيه -أي: عنها- أكان ينفعها؟ قالت: بلى.
قال: كذلك فدين الله أحق) إذن قضاء الدين ينفع.
وكما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه كان في بادئ الأمر إذا قدمت جنازة يسأل: (هل على ميتكم دين؟ إن قالوا: نعم، قال: صلوا عليه أنتم، وإن قالوا: لا.
صلى عليه.
فأتي بميت فسأل قالوا: عليه ديناران، قال: صلوا عليه، قال أبو قتادة: يا رسول الله! صلِّ عليه وديناراه عليَّ أنا، قال: في ذمتك؟ قال: نعم.
قال: برئت منهما ذمة الرجل؟ قال: بلى.
قال: عليك أنت؟ قال: نعم.
فصلى عليه) فهنا بين يدي رسول الله لم يسدد، لكن التزم واعترف وقال: (برئت منهما ذمته - أي بضمانك وكفالتك؟ - قال: بلى) وفي نفس الخبر أنه لقيه رسول الله من الغد فقال له: (ماذا فعل الديناران؟ قال: يا رسول الله! الرجل مات -بالأمس فقط- من الغد، قال: ماذا فعل الديناران؟ -يعني يطالبه- قال: سددتهما، قال: الآن بردت جلدته من النار) لأن الميت يرهن في قبره بدينه.
ثم لما وسع الله على المسلمين وجاءت الفتوحات والغنائم، وبقي عند المسلمين بيت مال، قال صلى الله عليه وسلم: (من مات وله مال فماله لورثته، ومن مات وعليه ضياع أو دين فعليَّ) فكان صلى الله عليه وسلم يصلي على المدين وغير المدين، والمدين يوفي دينه من بيت مال المسلمين.
والذي يهمنا هنا بيان أن العبادة المالية: الصدقة سداد الدين الكفارات المالية.
إلى غير ذلك، تصل إلى الميت.