قال المصنف رحمه الله: [وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (سجد بالنجم) رواه البخاري] .
يأتي المؤلف بهذا النص أيضاً في سجدة النجم بياناً للخلاف الذي وقع، فـ مالك رحمه الله لم يأخذ به.
سجدة النجم قد جاء في خبرها قصة الغرانيق، وبعض الناس يطعن في قصة الغرانيق، ولكن أصل القصة موجود، وهو السجود، فسجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها عند قوله تعالى:{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:٦٢] إنما كان للتلاوة، وكان يقرؤها في مكة، فلما قرأ بها وكان المشركون حضوراً، فكل من كان حاضراً في المجلس يسمع سجد، سواء كان مسلماً أو مشركاً، وكان سبب سجود المسلمين اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما سبب سجود المشركين فاختلق له بعض الناس قصة الغرانيق، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ}[النجم:١٩-٢٢] إلى آخره، فالشيطان عند تلاوة ذلك قال:(تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى) ، فلما سجد صلى الله عليه وسلم، قال المشركون: محمد ذكر آلهتنا بخير اليوم، ولم يذكرها بخير قط قبل ذلك، فسجدوا معه ظناً منهم أنه سجد لها في هذه الحالة، ولكن هذه القصة باطلة، وإذا جئنا إلى كتب التفسير نجد أن أغلبها قد ذكر هذه القصة، لكن يجب على الإنسان أن يحذر ويتحرى، كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: كنت أقرأ للآية مائة تفسير وأقول: يا معلم داود! علمني، ويا مفهم سليمان! فهمني، يقرأ مائة تفسير للآية! مع أن الله أعطاه من أداة العلم من أصول، ومن فقه، ومن لغة ومن إلى آخره الشيء الكثير.