وهناك من يزيد في هذا الباب: الحية؛ لأنها مؤذية، وجاء وقد جاء أن بعض الصحابة كانوا جالسين في منى، فخرجت عليهم حية، فأرداوا قتلها فهربت وفاتتهم، فقال صلى الله عليه وسلم:(كفيت شركم، وكفيتم شرها) ، فقد أرادوا قتلها فلم يمنعهم، وهناك آثار الله أعلم بصحتها، منها:(من رأى الحية ولم يقتلها برئت منه كذا وكذا ... ) وفيه الحث على قتل الحيات.
ويجب التنبيه على ما يستثنى من بعض أنواع الحيات وفي المدينة خاصة، فقد جاء أنه في غزوة الخندق استأذن رجل النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى بيته في المدينة -وكان حديث عهد بعرس - فأذن له وقال:(خذ سلاحك إني أخشى عليك بني قريظة) ، فذهب، فلما وصل إلى زوجته وجدها بين عضدي الباب، فهم بأخذ رمحه ليطعنها بسبب وقوفها على هذه الحالة؛ لأن هذا كان بعد نزول الحجاب، فإن الحجاب كان في السنة الثانية وهذا الحادث كان في السنة الرابعة أو الخامسة، فقالت له: لا تعجل، رد عليك رمحك وادخل إلى بيتك وانظر ما في فراشك، فدخل فإذا حية متمددة على طول الفراش، وقيل: ملتوية على وسطه، فاخترطها برمحه ثم أخذ الرمح وركزه في عرصة البيت، يقولون: فانتفضت الحية وسقط هو ميتاً، تقول زوجته: والله لا أدري أيهما كان أسرع موتاً، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:(إنها من الجن، وقد انتصر لها قومها - لأنه لم يسم الله حينما طعنها-إذا رأيتم شيئاً من هذه الحيات في بيوتكم فلا تقتلوها حتى تؤاذنوها ثلاثاً) أي: يقال لها: اذهبي عنا ثلاث مرات، لكن هل يكون هذا في أول ظهورها أم حينما تظهر المرة الأولى والثانية والثالثة؟ قالوا: الثلاث مرات في أول رؤيتها، لأننا لا ندري بعدها ماذا يحدث، فإن ذهبت فاتركها، وإن لم تذهب فاقتلها.
واستثني من ذلك نوعان: الصفراء أو الرقطاء، وهي التي يكون على عينيها نقطتان صفراوان، كاللتين تكونان على عيني الكلب الأسود.
والبتراء: وهي القصيرة؛ لأن البتراء إذا نظرت إلى الحامل أسقطت حملها، وكذلك ذات الطفيتين، فإن سمها سم ساعة لا يعطي فرصة لعلاجه أو تداركه، فأمر صلى الله عليه وسلم أن تؤذن الحية البيضاء، ولم يأمر بأن تؤذن الرقطاء ولا البتراء.
إذاً: هذه خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم، وذكروا أن الحية تكون سادسة، ويستثنى من ذلك في المدينة خاصة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إن المدينة ليهاجر إليها مسلمو الجن كما تهاجرون أنتم إليها) .