أعوذ: بمعنى ألجأ وأحتمي وألوذ؛ لأن هذه الأمور الأربعة لا يُجير الإنسان منها ولا يُعيذه إلا الله، وكلها أمور غيبية، والأمور الغيبية لا قدرة للإنسان فيها، لا في جلبها ولا في دفعها، وكلها مرجعها إلى الله، أمور جهنم والجنة والصراط والآخرة كلها أمور غيبية لم يشاهدها إنسان، اللهم إلا إذا قلنا: لقد أكرمنا الله برؤيتها عن طريق رؤية رسول الله في الإسراء والمعراج وهو الصادق المصدوق.
أما جهنم: فيقولون أصلها كهنم، بالكاف، ولكن بالجيم من التجهم، والتجهم: هو انكسار الوجه عند رؤية ما يسوء، والشخص إذا استقبل صديقاً أو عزيزاً هش له وبش له وجهه واستبشر أمامه، وإذا كان العكس تجهم في وجهه ليكفحه عن نفسه، وقد تكون جبلة وبغير اختيار؛ حينما يرى شيئاً يكرهه أو إنساناً لا يستريح إليه فلا يملك نفسه؛ لأنه عامل نفسي، فجهنم تتجهم للناس، وسُميت بذلك من هذا الوجه، والله أعلم، ولا يعيذ من عذاب جهنم إلا الله، سواءً كان برحمة من الله، أو توفيقاً للعبد في الدنيا، أو بشفاعة من رسول الله، أو بشفاعة من الله كما جاء في الحديث:(شفع النبيون والصالحون والأولون والآخرون وبقي أرحم الراحمين، أخرجوا من النار كل من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان) ، فيخرج من النار كل مؤمني الأمة برحمة الله سبحانه.
إذاً: لا يجير من النار إلا الله، حتى الشفاعة {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى}[الأنبياء:٢٨]{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[البقرة:٢٥٥]{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}[الزمر:٤٤] .
إذاً: الأمر كله لله، ولذا يلجأ الإنسان إلى الله بأن يستعيذ من جهنم، وسبحان الله! في كل صلاة تقولها حتى لا يغيب عن ذهنك ذكرها، فتكون دائماً على حذر منها، وتكون دائماً ملتجئ إلى الله في شأنها.