[استجابة الله لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم]
قالت: (فأنشأ الله تعالى سحابة) .
أسندت عائشة رضي الله عنها الإنشاء إلى الله، فهو الفعال لما يريد، وليس كقول الجغرافيين، ولا كقول الفلكيين: بنوء، أو بتبخر ماء البحر، وإنما أنشأ الله سحابة، وستأتي الرواية: (فوالله ما بيننا وبين سلع من سحابة ولا قزعة) .
والسحابة: السحاب المتواصل المتراكم، والقزعة: السحابة المتقطعة، كما في الحديث: (نهى عن قزعة الشعر) ، أي: أن الإنسان يحلق جزءاً ويبقي جزءاً، وهذا لا يجوز، وابن حجر يذكر رواية: (والسماء كالمرآة صافية) ، أي: ليس فيها شيء، فأنشأ الله سحابة من وراء سلع -من جهة الغرب؛ لأن المدينة شمالها إلى أحد، وغربها إلى وراء سلع- فأنشأ الله سحابة من وراء سلع، وبعضهم يقول: كرجل الطير، وبعضهم يقول: كالترس والترس: هو الآلة التي يمسكها المقاتل يتترس بها من ضربات العدو بالسيف أو الرمح.
يعني: لا يزيد قطرها عن خمسين أو مائة سنتيمتر.
وفي الحديث: (فجاءت ريح فساقتها، حتى أقلت سماء المدينة، فانتشرت فأمطرت) ، وهذا الذي أشرنا إليه سابقاً بأن سوق السحاب وإنشاء السحاب وإنزال المطر إنما هو من الفعال لما يريد سبحانه وتعالى.
قالت: (فرعدت وبرقت ثم أمطرت) .
الرعد والبرق يذكر بعض العلماء أنه من عوامل السحب، أو من تنقيحها.
قالت: (ثم أمطرت) أي: تلك السحابة التي نشأت، وجاءت وهم يرونها.
قال المصنف: [رواه أبو داود، وقصة التحويل في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد وفيه: (فتوجه إلى القبلة يدعو ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة) ] .
الزيادة هنا أنه في صلاته جهر بالقراءة، وعائشة رضي الله تعالى عنها أخبرتنا أن خروجه كان حين بدا حاجب الشمس، وصورة الشمس في أول خروجها تشبه استدارة الحاجب على العين، وذلك في أول ظهور حافتها العليا، فتكون في صورة حاجب العين، أو في صورة الهلال، فحينما بدا كان قبل أن يكتمل القرص في الظهور، ولما وصل إلى هناك، أكتمل القرض بالظهور، وصحت الصلاة بعد شروق الشمس.
قال المصنف: [وللدارقطني من مرسل أبي جعفر الباقر: (وحول رداءه ليتحول القحط) ] .
هناك (قلب) ، وهنا (حول) ، فالرواية باللفظين، وأيهما فعل فلا مانع في ذلك، وزادنا هنا: (ليتحول الحال) ، أي: تفاؤلاً.