حرم بيع الميتة، الميتة جاء النص في تحريمها، ويرى بعض العلماء أن النص مجمل:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ}[المائدة:٣] ، فقال: حرمت في ماذا؟ هل أكلها، بيعها، شراؤها؟ قالوا: هذا مجمل.
والآخرون قالوا: لا، ليس مجملاً؛ لأن الفائدة من الميتة كانت قبل الموت إذا ذكيت بالأكل، وليس هناك أي جانب انتفاع إلا الأكل، فلما حرم بيع الميتة حرم أكلها، كما حرمت الخمر وحرم شربها.
والنقاش في نجاسة الميتة، ونجاسة الخمر، وبالتالي نجاسة الدم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، فالصحابة رضي الله تعالى عنهم أخذوا حكم النجاسة في الميتة من حكم تحريمها، وذلك حينما مر صلى الله عليه وسلم بشاة -لـ ميمونة - ميتة يجرونها، فقال:(هلا انتفعتم بإهابها) -الإهاب لغة: الجلد قبل الدبغ- (فقالوا: إنها ميتة يا رسول الله!) والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنها ميتة، فهو يراهم يجرونها، وهل خفي عليه أنها ميتة، أم أنه يراها؟! هو يراهم يسحبونها، ويرى أنها ميتة، لكن قولهم: إنها ميتة، لا لإخباره بموتها؛ لأنه مشاهد، ولكن للازم موتها وهو النجاسة، (إنها ميتة) ، بمعنى: إنها نجسة بالموت، وكان جوابه إياهم بمقتضى هذا، فقال:(يطهره -أي: الإهاب- الماء والقرظ) إذاً (إنها ميتة) لا يعنون بذلك الإخبار، وإنما يعنون النجاسة، وهو يكلمهم عن الإهاب، وخاطبهم في الطهارة والنجاسة، لا في الأكل والشرب، قال: يطهره.
إذاً: يطهره، رداً على استشكالهم النجاسة اللازمة للميتة، فقوله:(يطهره) أي: نعم هي ميتة، ونعم هي نجسة كما قلتم وفهمتم، ولكن ليست النجاسة لازمة لها، فإن جلدها يمكن تطهيره بالماء والقرظ.
إذاً: نهى عن بيع الخمر، ونهى عن بيع الميتة، والنهي يقتضي التحريم، وهناك قاعدة: كل محرم لذاته فهو نجس العين.