مسألة: هل للمصلي أن يسأل الله في قنوته أو في سجوده بما أراد، أو يتقيد بما هو وارد؟ بعض المالكية يقول: ما هو مشروع في العبادة يتقيد به، كالقنوت في الصلاة، والقنوت في النوازل، فينبغي أن يتقيد القانت بما ورد من الدعاء في تلك المناسبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل من كلام الناس شيئاً؛ لأن القنوت عبادة.
وهناك من يقول: ما دام الباب باب دعاء فله أن يدعو بالمناسب، والرسول صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على رعل وذكوان، وقد سماهم بأعيانهم كما في قصة أصحاب الرجيع، وهم القراء الذين استشهدوا.
مسألة: إذا كان في الصلاة فهل له أن يتكلم بالقرآن مخاطباً لإنسان سأله عن شيء، أو استفسر عن شيء، أو رأى شيئاً ويريد أن ينبه عليه فتلا آية من كتاب الله ليدل على المطلوب؟ الجمهور يقولون: لا.
لأن هذا يخرج القرآن إلى كلام الناس فيجيب به الآخرين.
وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم كان في صلاة النافلة يأذن بالتنحنح، أو يرد السلام بإشارة اليد.
فقوله صلى الله عليه وسلم:(أن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) يدل على أنه لا ينبغي لإنسان وهو في الصلاة أن يتكلم بكلام الناس، ولو فعل بطلت صلاته، ولو كان حرفاً واحداً يؤدي معنى.
فلو أن إنساناً وقف بجوارك وقال: أجاء زيد؟ فقلت:(لا) فهذا حرف، لكن هذا الحرف يتضمن نفي جملة، أي: لم يأت.
لأن النفي هنا راجع إلى جملة المجيء، وأنت تقول:(لا) ، فـ (لا) وحدها ليست كلمة، كما قال ابن مالك في الألفية: كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم فكلمة (استقم) هي كلمة واحدة، وهو يقول: كلامنا لفظ مفيد.
ويقول النحاة: لفظ مركب.
والإفادة حصلت بكلمة (استقم) ؛ لأن المعنى:(استقم أنت) ، فهي كلمة متضمنة جملة كاملة.
وكذلك الحروف المستعملة في المعاني، نحو: يا زيد فـ (يا) تقوم مقام الفعل: (أناديك) ، فكذلك إذا حصل كلام ولو بحرف واحد يؤدي معنى يحسن السكوت عليه فحينئذٍ تبطل الصلاة.