ثم يأتون إلى القضاء: إن كان محصراً عن عمرة فهل يتعين عليه أن يقضي تلك العمرة، أو أن هذه العمرة قد مضت إلى سبيلها؟ وإذا كان قد أحصر عن حج فهل يقضي هذا الحج، أو أن هذه الحجة قد مضت إلى سبيلها؟ ما يمكن أن يقال: الحجة مضت في سبيلها؛ لأن الحج فيه وقوف وسعي، وفيه أشياء كثيرة، فالذي عليه الجمهور: لا قضاء على من أحصر في نسك.
وعمرة القضية -عمرة القضاء- وقد وقعت في السنة التي تليها بعدما أحصر، على حسب الشرط: يأتون بعدها في السنة القادمة، وفي نفس الشهر، ويؤدون عمرتهم؟ قالوا: هذه العمرة ليست قضاءً عن الماضية، وإنما سميت: عمرت القضية، وعمرة القضاء؛ للمقاضاة -بين الفريقين- المكتوبة في الصحيفة، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء في السنة القادمة لم يؤكد على جميع من حضر في السنة الماضية أن يذهب ويقضي عمرته، ولم يطلب منهم ذلك وكما يذكرون عن الشافعي أنه يجزم بأن أشخاصاً حضروا العمرة الأولى في الحديبية ولم يحضروا في العمرة الثانية عمرة القضية.
أما إذا كان أحصر في الحج فقالوا: الحج فرض في العمر مرة، وهذا الذي أحصر لم يؤد الغرض، إذاً: عزم على الحج وحيل دونه، فلا يسقط الفرض عن نفسه بل بقي عليه ويحج من قابل كما قال عمر لـ أبي الدرداء وغيره.
يعني: الحج مطلوب منك أولاً؛ لأنك لم تسقطه عنك بما أحصرت فيه، وهذا غاية ما يبحث في موضوع الفوات والإحصار.