أقول: يا إخوان! ما وجدنا أيسر تحصيلاً وأكثر بركة في طلب العلم من هذا المسجد النبوي الشريف، جئت إلى شيخنا الأمين مرة وقلت: يا شيخ! يطرأ لي أن أبحث عن مسألة في البيت، وأتطلبها في مظانها جميعاً، فيتعذر علي الوقوف عليها، فأصر على أني أتجاوزها، فيصادف بعض الأحيان حينما آتي إلى المسجد النبوي وأضع إحدى قدماي في المسجد، وقبل أن أدخل الثانية، إذا به يخطر على بالي حكم المسألة! فإذا به يقول: لست وحدك! قلت له: كيف لست وحدي؟! قال: وأنا يحصل هذا عندي، أستشكل الأمر، ويطول إشكاله عندي، فإذا ألقيت الدرس في المسجد النبوي ألهمني الله الجواب! ولهذا -أيها الإخوة- حث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم في هذا المسجد، فقال:(من راح أو غدا إلى مسجدي هذا لعلم يعلمه أو يتعلمه كان كمن غزا في سبيل الله) .
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه، والله! الحديث ذو شجون! وبالمناسبة أيها الإخوة: أحمل طلبة العلم بالمدينة ما حملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روي عنه أنه قال:(يا معشر أهل المدينة! إن الناس لكم تبع، وستفتح الأمصار، ويأتي رجال يطلبون العلم -أي: هنا- فآووهم وعلموهم) ، وكان سعيد بن المسيب إذا جاء واحد من خارج المدينة لطلب العلم يقول: مرحباً بوصية رسول الله.
وهذا هو الواجب على من أكرمه الله سبحانه بطلب العلم في المسجد النبوي، فإذا جاء طالب جديد فينبغي أن يشرح له صدره، وأن يوسع له باله، وأن ييسر له طريقه، وأن يبذل ما في وسعه لمساعدته لطلب العلم.