قال المصنف رحمه الله: [وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يأخذ أحدكم أحبله، فيأتي بحزمةٍ من الحطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خيرٌ له من أن يسأل الناس؛ أعطوه أو منعوه) رواه البخاري] .
قبل شرح هذا الحديث، مما يتعلق بـ (إنما يأخذ جمراً) ورد أنه ( {توفي رجل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرفه، فسأل ماذا ترك؟ -وكان فقيراً يسأل الناس- قالوا: ترك دينارين، قال: كيتان من نار) ، سبحان الله! فالناس يخلفون الملايين والأموال الطائلة، والله سن الميراث للمال المتروك بعد الميت، إذاً: فيجوز اقتناء الدينارين، والألفين والمليونين، لكن لما كان يسأل الناس، فكان الواجب أن يسأل بقدر حاجته، لكن أن يتكثر حتى يتوافر عنده ديناران، فهذا هو المستكثر، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في حقه:(كيتان من النار) ، كل دينار بكية من النار، والدينار نصف اسمه نار، وبهذه المناسبة كان في اختبار قول القائل: كأن وجهه دينارٌ جلته حدائق الضرابِ فبعض الطلاب سأل: ما لون الدينار؟ نحن ما رأينا الدنانير، فقال القائل: نصف اسمه يدلُ عليه، لكن كان الطلاب أغبياء ما فهموها، وإلا كان غشاً في الاختبار.
إذاً: المسألة بقدر الحاجة لا مانع منها، فالله سبحانه وتعالى جعل حقاً للفقراء والمساكين شرعاً، وفرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم بجمع الزكاة وتوزيعها عليهم؛ ولا عيب في سؤال المحتاج الفقير، والله سبحانه وتعالى يمتحن عباده بالغنى كما يمتحنهم بالفقر، لينظر: أيشكر هذا أم لا؟ وهذا أيصبر أم لا؟ فالغرض من هذا التنفير، وتقبيح السؤال تكثراً، لكن لو طرأت على الإنسان حاجة فلا مانع أن يسأل؛ لأنه حقٌ له.