للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد على من تأول التفرق بتفرق الأقوال]

ومما تأولوا به هذا الحديث أن قوله: (تفرقا) أي: بالكلام، كأن يتبايعا بخمسة أو بستة أو بعشرة، صفاته كذا وكذا وكذا.

في هذا المجال لهما الخيار، لكن إذا قال: قبلت اشتريت، بعت أخذت اليوم سمعنا أخبار كذا وكذا، وأخذا يتحدثان عن موضوع بعيد عن موضوع العقد، هنا افترقا في القول عن موضوع العقد، فحملوه في بعض التأويلات على الافتراق بالقول، وبعضهم يدخل دلالة اللغة في هاتين الكلمتين، والواقع أن كلاً منهما تستعمل مكان الأخرى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:١٣٠] ، {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة:٤] ، ((وما تفرق)) أي: في الكلمة، ((إن يفترقا)) أي: بأبدانهما، فجاءت في كلا الأمرين تعبر عن افتراق الأبدان وافتراق الكلمة.

ولكن يرد هذا التأويل قوله: (وكانا جميعاً) بأبدانهما، فيكون الافتراق بالأبدان وليس باللسان، وهذا القدر يكفي في التنويه على هذا الحديث، ومن أخذ به، ومن رده، وبم رد من تأويلات، والله تعالى أعلم.